صفحة جزء
( وليس على أهل مكة طواف القدوم ) لانعدام القدوم في حقهم . قال ( ثم يخرج إلى الصفا فيصعد عليه ويستقبل البيت ويكبر ويهلل . ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويرفع يديه ويدعو الله لحاجته ) لما روي { أن النبي عليه الصلاة والسلام صعد الصفا حتى إذا نظر إلى البيت قام مستقبل القبلة يدعو الله } ولأن الثناء والصلاة يقدمان على الدعاء تقريبا إلى الإجابة كما في غيره من الدعوات . والرفع سنة الدعاء . وإنما يصعد بقدر ما يصير البيت بمرأى منه ، لأن الاستقبال هو المقصود بالصعود ، ويخرج إلى الصفا من أي باب شاء . وإنما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من باب بني مخزوم ، وهو الذي يسمى باب الصفا لأنه كان أقرب الأبواب إلى الصفا لا أنه سنة .


( قوله ثم يخرج إلى الصفا ) مقدما رجله اليسرى حال الخروج من المسجد قائلا " باسم الله والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم اغفر لي ذنوبي ، وافتح لي أبواب رحمتك وأدخلني فيها . وأعذني من الشيطان " ( قوله : ويكبر ويهلل ) وفي الأصل قال " فيحمد الله ويثني عليه ، ويكبر ويهلل ويلبي . ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، ويدعو الله لحاجته " .

وقدمنا من حديث جابر الطويل قوله " فبدأ بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره وقال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير . لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ، ونصر عبده ، وأعز جنده . وهزم الأحزاب وحده " ثم دعا بين ذلك قال مثل ذلك ثلاث مرات .

[ ص: 459 ] ومن المأثور أن يقول : لا إله إلا الله ، ولا نعبد إلا إياه ، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ، ويرفع يديه جاعلا باطنهما إلى السماء كما للدعاء ، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو .

وفي البدائع : الصعود على الصفا والمروة سنة فيكره تركه ولا شيء عليه ، ويقول في هبوطه " اللهم استعملني بسنة نبيك وتوفني على ملته ، وأعذني من مضلات الفتن برحمتك يا أرحم الراحمين " فإذا وصل إلى بطن الوادي بين الميلين الأخضرين قال " رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم ، إنك أنت الأعز الأكرم " يؤثر ذلك عن ابن عمر ويقول على المروة مثل ما قال على الصفا ، وأما أنه عليه الصلاة والسلام خرج من باب بني مخزوم فأسنده الطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من المسجد إلى الصفا من باب بني مخزوم } . وأسند أيضا عن جابر رضي الله عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم ، إلى أن قال : ثم خرج من باب الصفا } وروى ابن أبي شيبة عن عطاء مرسلا { أنه عليه الصلاة والسلام خرج إلى الصفا من باب بني مخزوم } .

وأما عدد الأشواط ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما { قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة فطاف بالبيت سبعا ، وصلى خلف المقام ركعتين ، وطاف بين الصفا والمروة سبعا } هذا والأفضل للمفرد أن لا يسعى بين الصفا والمروة عقيب طواف القدوم ، بل يؤخر السعي إلى يوم النحر عقيب طواف الزيارة لأن السعي واجب ، فجعله تبعا للفرض أولى من جعله تبعا للسنة ، وإنما جاز بعد طواف القدوم رخصة بسبب كثرة ما على الحاج من الأعمال يوم النحر ، فإنه يرمي ، وقد يذبح ، ثم يحلق بمنى ، ثم يجيء إلى مكة فيطوف الطواف المفروض ، ثم يرجع إلى منى ليبيت بها ، فإذا لم يكن من غرضه أن يسعى بعد طواف القدوم أخذا بالأولى فلا يرمل فيه ، لأن الرمل إنما شرع في طواف بعده سعي ، ويرمل في طواف الزيارة على ما سنذكر .

هذا وشرط جواز السعي أن يكون بعد طواف أو أكثره ، ذكره في البدائع

التالي السابق


الخدمات العلمية