صفحة جزء
( فإن تيمم نصراني يريد به الإسلام ثم أسلم لم يكن متيمما عند أبي حنيفة ومحمد ، وقال أبو يوسف : هو متيمم ) لأنه نوى قربة مقصودة ، بخلاف التيمم لدخول المسجد ومس المصحف لأنه ليس بقربة مقصودة . ولهما أن التراب ما جعل طهورا إلا في حال إرادة قربة مقصودة لا تصح بدون الطهارة ، والإسلام قربة مقصودة تصح بدونها [ ص: 132 ] بخلاف سجدة التلاوة لأنها قربة مقصودة لا تصح بدون الطهارة ( وإن توضأ لا يريد به الإسلام ثم أسلم فهو متوضئ ) خلافا للشافعي رحمه الله بناء على اشتراط النية .


( قوله لأنه نوى قربة مقصودة ) ينبغي أن يزاد تصح منه في الحال لأن الكافر لو تيمم للصلاة ونحوها لم يكن متيمما حتى لا يصلي به بعد الإسلام عند أبي يوسف .

فالحاصل أنه لا يصحح منه تيمما إلا للإسلام ( قوله والإسلام قربة تصح بدونها ) يقتضي أنه لو تيمم للصلاة صح عندهما ، وليس كذلك . [ ص: 132 ] فالحاصل أنهما لا يصححان منه تيمما أصلا بناء على عدم صحة النية منه فما يفتقر إليها لا يصح منه ، وهذا لأن النية تصير الفعل منتهضا سببا للثواب ، ولا فعل يقع من الكافر كذلك حال الكفر ولذا صححوا وضوءه لعدم افتقاره إلى النية ولم يصححه الشافعي لما افتقر إليها عنده .

وقد رجع المصنف إلى التحقيق في التعليل في جواب زفر حيث قال : وإنما لا يصح من الكافر لانعدام النية ( قوله بخلاف سجدة التلاوة إلخ ) المراد بكونها قربة مقصودة هنا كونها مشروعة ابتداء يعقل فيها معنى العبادة ، وأما قولهم في الأصول إنها ليست بقربة مقصودة فالمراد أنها ليست مقصودة لعينها بل لإظهار مخالفة المستنكفين من الكفار بإظهار التواضع والانقياد لله سبحانه وتعالى ، ولذا أديت في ضمن الركوع ، وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية