صفحة جزء
( ومن جامع بعد الوقوف بعرفة لم يفسد حجه وعليه بدنة ) خلافا للشافعي فيما إذا جامع قبل الرمي ; لقوله صلى الله عليه وسلم { من وقف بعرفة فقد تم حجه } [ ص: 47 ] وإنما تجب البدنة لقول ابن عباس رضي الله عنهما أو ; لأنه أعلى أنواع الارتفاق فيتغلظ موجبه .


( قوله : ومن جامع بعد الوقوف بعرفة ) يعني قبل الحلق ; لأنه سيذكر أن الجماع بعد الحلق فيه شاة . هذا والعبد إذا جامع مضى فيه وعليه هدي وحجة إذا أعتق سوى حجة الإسلام ، وكل ما يجب فيه المال يؤاخذ به بعد عتقه ، بخلاف ما فيه الصوم فإنه يؤاخذ به للحال ، ولا يجوز إطعام المولى عنه إلا في الإحصار ، فإن المولى يبعث عنه ; ليحل هو فإذا أعتق فعليه حجة وعمرة . ( قوله : لقوله عليه الصلاة والسلام { من وقف بعرفة فقد تم حجه } ) تقدم هذا الحديث . وتقدم أنه عليه الصلاة والسلام علق [ ص: 47 ] التمام بالوقوف بعرفة والمزدلفة على ما أسلفناه ، ثم لا شك أن ليس التمام باعتبار عدم بقاء شيء عليه فهو باعتبار أمن الفساد والفوات .

وإنما أوجبنا البدنة بما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما " أنه سئل عن رجل وقع بأهله وهو بمنى قبل أن يفيض فأمره أن ينحر بدنة " . رواه مالك في الموطإ عن أبي الزبير المكي عن عطاء بن أبي رباح عنه وأسنده ابن أبي شيبة عن عطاء أيضا قال : سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن رجل قضى المناسك كلها غير أنه لم يزر البيت حتى وقع على امرأته ، قال : عليه بدنة . ولأنه لا قضاء هنا ; ليخف أثر الجناية بجبر القضاء بخلاف ما قبل الوقوف ، وهو أرجح مما عن ابن عمر مما أخرجه ابن أبي شيبة عنه : جاء رجل إليه فقال : يا أبا عبد الرحمن إني رجل جاهل بالسنة بعيد الشقة قليل ذات اليد ، قضيت المناسك كلها غير أني لم أزر البيت حتى وقعت على امرأتي ، فقال : عليك بدنة وحج من قابل فإنه متروك بعضه ، وقال عليه الصلاة والسلام { من وقف بعرفة فقد تم حجه } بخلاف قول ابن عباس هذا . ولو جامع مرة ثانية فعلى كل واحد شاة مع البدنة ; لأنه وقع في حرمة مهتوكة فصادف إحراما ناقصا فيجب الدم . ولو جامع القارن بعد الوقوف لزمه بدنة لحجته وشاة لعمرته .

التالي السابق


الخدمات العلمية