صفحة جزء
( فإن تيمم مسلم ثم ارتد ثم أسلم فهو على تيممه ) وقال زفر رحمه الله : بطل تيممه لأن الكفر ينافيه فيستوي فيه الابتداء والبقاء كالمحرمية في النكاح . ولنا أن الباقي بعد التيمم صفة كونه طاهرا فاعتراض الكفر عليه لا ينافيه كما لو اعترض على الوضوء ، وإنما لا يصح [ ص: 133 ] من الكافر ابتداء لعدم النية منه .


( قوله فيستوي فيه الابتداء والبقاء ) فكما لا يصح ابتداء التيمم وهو كافر لا يصح بقاؤه مع الكفر كالمحرمية في باب النكاح ، كما يمنع ابتداء النكاح يمنع بقاؤه حتى لو كان الزوجان صغيرين فأرضعتهما المرأة ارتفع النكاح ، أو كبيرين فمكنت الزوجة ابن زوجها ارتفع بعد الثبوت ، والأصل أن كل صفة منافية الحكم يستوي فيها الابتداء والبقاء إلا أن يخرج شيء بالنص كبقاء الصلاة عند سبق الحدث حتى جاز البناء ، وكلام المصنف في الاستدلال المذكور لزفر لا يستلزم بناءه على حبط العمل بالكفر ليحتاج إلى جوابه على ما لا يخفى بعد قليل تأمل ( قوله ولنا أن الباقي ) حاصله تسليم الأصل المذكور ومنع صدقه [ ص: 133 ] في المتنازع فيه ، أفاد هذا إدخال اللام في الباقي : أي ليس التيمم نفسه باقيا ليرتفع بورود الكفر ، بل الباقي صفة الطهارة التي أوجبها ، وهذه لا يرفعها شرعا إلا الحدث ، ولذا لو اعترض على الصفة الكائنة عن الوضوء لم يرفعها وهي مثلها .

ولما كان هذا مظنة أن يقال البقاء في هذا ونحوه من النكاح وسائر العقود ليس إلا بقاء آثارها فإن الباقي في النكاح والبيع بعد صدور العقد ليس إلا الأثر من الحل والملك ، ومع ذلك اعتبر ذلك بقاء لها حتى انتفت بورود ما ينفي ابتداءها على ما بينا فبقاء الصفة حينئذ بقاء التيمم ويلزم ما قلته ، زاد قوله وإنما لا يصح من الكافر ابتداء لانعدام النية منه وهذا يحول التقرير عن وجهته الأولى ، هكذا التيمم نفسه لا ينافيه الكفر وإنما ينافي شرطه وهو النية المشروطة في الابتداء وقد تحققت وتحقق التيمم لذلك ، فالصفة الباقية بعده لو اعتبرت كنفسه لا يرفعها الكفر لأن الباقي حينئذ حكما ليس هو النية .

التالي السابق


الخدمات العلمية