صفحة جزء
[ ص: 183 - 189 ] ( النكاح ينعقد بالإيجاب والقبول [ ص: 190 ] بلفظين يعبر بهما عن الماضي ) لأن الصيغة وإن كانت للإخبار وضعا فقد جعلت للإنشاء شرعا دفعا للحاجة


( قوله النكاح ينعقد بالإيجاب والقبول ) قدمنا أن النكاح في عرف الفقهاء هو العقد ، وهذا بيان لأن هذا العقد لم يثبت انعقاده حتى يتم عقدا مستعقبا لأحكامه ، فلفظ النكاح في قوله النكاح ينعقد بمعنى العقد : أي ذلك العقد الخاص ينعقد حتى تتم حقيقته في الوجود بالإيجاب والقبول ، والانعقاد هو ارتباط أحد الكلامين بالآخر على وجه يسمى باعتباره عقدا شرعيا ويستعقب الأحكام [ ص: 190 ] وذلك بوقوع الثاني جوابا معتبرا محققا لغرض الكلام السابق ، ويسمع كل من العاقدين كلام صاحبه ، والكلامان هما الإيجاب والقبول . فما قيل في تعريف الإيجاب إنه إصدار الصيغة الصالحة لإفادة ذلك العقد مع أنه صادق على القبول خلاف الواقع من العرف المشهور ، بل إن الإيجاب هو نفس الصيغة الصالحة لتلك الإفادة بقيد كونها أولا والقبول هي بقيد وقوعها ثانيا من أي جانب كان كل منهما

فما ذكر في الدراية وغيرها من قوله : لو قدم القبول على الإيجاب ، بأن قال تزوجت بنتك فقال زوجتكها ينعقد به صحيح في الحكم ممنوع كونه من تقديم القبول ، بل لا يتصور تقديمه لأن ما يقدم هو الإيجاب كما صرح به في النهاية هنا وصرح الكل به في البيع ، وكان الحامل على جعله الإصدار وصل قوله بلفظين بقوله بالإيجاب والقبول فأفاد آليتهما لهما فكانا خلافيهما .

والحق ما أعلمتك ووصلهما إبدال أو بيان يدفع به ما قد يتوهمه من لا يعرف معنى الإيجاب والقبول في العرف فيعمم المقيد فأبدل منه لتخرج الكتابة ، فلو كتبا الإيجاب والقبول لا ينعقد ، والمراد باللفظين ما هو أعم من الحقيقة والحكم فيدخل متولي الطرفين أو ما يخص الحقيقة ، وليس هذا بحد بل إخبارات منسوق بعضها على بعض لإفادة ما يتم به العقد فقال : وينعقد بلفظين يعبر بهما عن الماضي وينعقد بلفظين أحدهما مستقبل لأنه توكيل ، والواحد يتولى طرفي النكاح فينعقد بكلام الواحد كما ينعقد بكلام الاثنين . ولا إشكال في شيء من هذا وعرف من تعريف الإيجاب والقبول بأنهما اللفظان الصالحان لإفادة ذلك العقد عدم الاختصاص بالعربية .

وعدم لزوم ذكر المفعولين أو أحدهما بعد دلالة المقام والمقدمات على الغرض لأن الحذف لدليل جائز في كل لسان ، وعدم لزوم لفظ النكاح والتزويج ، فعن هذا قلنا : إذا قالت زوجتك نفسي فقال قبلت ، أو قال تزوجتك فقالت قبلت جاز ولا مفعول حتى لو كان القابل سفيرا ولا مفعول ولم يضفه إلى الموكل نفذ عليه .

في التجنيس : رجل خطب لابنه الصغير امرأة ، فلما اجتمعا للعقد قال أبو المرأة لأبي الزوج : دادم بزنى أين دخترر ابهزا ردرم ، فقال أبو الزوج : بزير فتم يجوز النكاح على الأب وإن جرى بينهما مقدمات النكاح للابن هو المختار لأن الأب أضافه إلى نفسه ، وهذا أمر يجب أن يحتاط فيه ، بخلاف ما لو قال أبو الصغيرة : زوجت بنتي من ابنك ، فقال أبو الابن قبلت ولم يقل لابني يجوز النكاح للابن لإضافة المزوج النكاح إلى الابن بيقين . وقول القابل قبلت جواب له ، والجواب يتقيد بالأول فصار كما لو قال قبلت لأبي ، ونظير الأول في البيع لو قال لآخر بعد ما جرى بينهما مقدمات البيع بعت هذا بألف ولم يقل منك ، فقال الآخر اشتريت صح ولزم ، وكذا لو قالت المرأة بالفارسية : خويشتن خريدم بعده وكآبين ، فقال الزوج : فروختم صح ولزم وإن لم يقل منك

التالي السابق


الخدمات العلمية