صفحة جزء
[ ص: 394 ] ( ومن قال لعبده تزوج هذه الأمة فتزوجها نكاحا فاسدا ودخل بها فإنه يباع في المهر عند أبي حنيفة ، وقالا : يؤخذ منه إذا عتق ) وأصله أن الإذن بالنكاح ينتظم الفاسد والجائز عنده ، فيكون هذا المهر ظاهرا في حق المولى [ ص: 395 ] وعندهما ينصرف إلى الجائز لا غير فلا يكون ظاهرا في حق المولى فيؤاخذ به بعد العتاق ، لهما أن المقصود من النكاح في المستقبل الإعفاف والتحصين وذلك بالجائز ، ولهذا لو حلف لا يتزوج ينصرف إلى الجائز ، بخلاف البيع لأن بعض المقاصد حاصل وهو ملك التصرفات . وله أن اللفظ مطلق فيجري على إطلاقه كما في البيع . وبعض المقاصد في النكاح الفاسد حاصل كالنسب ، ووجوب المهر والعدة على اعتبار وجود الوطء ، ومسألة اليمين ممنوعة على هذه الطريقة .


( قوله تزوج هذه الأمة ) التقييد بالأمة والإشارة اتفاقي ، فإن الحكم المذكور جار في الحرة وغير المعينة .

( قوله وأصله ) أي أصل الخلاف الاختلاف في أن الإذن للعبد بالنكاح ينتظم الصحيح والفاسد عنده ، وعندهما يخص الصحيح . والاتفاق على أن الإذن بالبيع يعم الصحيح والفاسد ، وعلى أن التوكيل بالنكاح يختص بالصحيح فألحقاه بالتوكيل بالنكاح ; لأن علة الأصل تحصيل المقاصد في المستقبل من الإعفاف وغيره وذلك بالصحيح ، ولهذا لو حلف لا يتزوج ينصرف إلى الجائز فلا يحنث بالفاسد ; لأن المراد في المستقبل الحلف على الإعفاف وذلك بالصحيح ، بخلاف ما لو حلف ما تزوجت حيث يحنث بالفاسد ; لأن المراد في الماضي العقد ، وألحقه بالبيع بجامع أن بعض المقاصد حاصل من ثبوت النسب والعدة والنفقة ، وذلك يكفي لتصحيح التعميم وإجراء اللفظ على إطلاقه ، فينبني على هذا أنه يباع في المهر في الفاسد إذا دخل [ ص: 395 ] بها فيه عنده ، وعندهما لا ، وأنه لا يجوز له تزوج أخرى بعقد صحيح عنده لانتهاء الإذن بالفاسد وعندهما له ذلك ; لأن الإذن لم ينته به .

( قوله ومسألة اليمين على هذه الطريقة ) أي طريقة إجراء اللفظ على عموم ( ممنوعة ) والطريقة الأخرى أن العبد في النكاح مبقي على الحرية ; لأنه من خواص الآدمية ، والحاجة إلى إذن السيد ليثبت المهر في رقبته ليس غير ، فكأنه قال له إذ قال تزوج اشغل رقبتك بمهر ، وهذا يتحقق بمهر مثل في نكاح فاسد وبغيره ، وليست هذه الطريقة صحيحة لما سيذكر من ملك السيد إنكاحه وعدم ملكه طلاقه واستقلال العبد بملكه لدفع الضرر عن نفسه ; لأنه قد يعجز عن الإمساك بالمعروف لتباين الأخلاق وغير ذلك ، فالمعول عليه طريقة الإطلاق . ويجاب عن مسألة اليمين بأن الأيمان مبنية على العرف ، والعرف فيه الحلف على التزويج الذي هو طريق الإعفاف والتحصين وهو الصحيح لا الإعفاف بالفعل فبطل ما يقال الإعفاف باطني لا يوقف عليه فلا يلزم الصحيح ليظهر كون الحلف عليه ، والله أعلم . [ فروع ]

الأول : تزوج العبد بلا إذن فطلقها ثلاثا ثم أذن له السيد فجدد عليها جاز بلا كراهية عند أبي حنيفة ومحمد ، ومع الكراهة عند أبي يوسف .

الثاني : زوج بنته من مكاتبه ثم مات الأب لا يفسد النكاح عندنا إلا إن عجز ورد في الرق . وعند الشافعي يفسد للحال لملك زوجته شيئا منه ولذا يصح إعتاقها إياه وبدل الكتابة لها . وقلنا : لم تملكه ; لأن المكاتب لا يحتمل النقل من ملك إلى ملك ما لم يعجز ، وعند ذلك قلنا بفساد النكاح ، وإنما ملكت ما في ذمته من بدل الكتابة ، وأما العتق فيه يبرأ عن بدل الكتابة أولا ثم يعتق .

الثالث : إذا غر عبد بحرية أمة فتزوجها على أنها حرة فولدت فالولد عبد عند أبي حنيفة وأبي يوسف . وعند محمد حر بالقيمة كالمغرور الحر

التالي السابق


الخدمات العلمية