صفحة جزء
والتسوية المستحقة في البيتوتة لا في المجامعة ; لأنها تبتنى على النشاط . .


( قوله والتسوية المستحقة في البيتوتة لا في المجامعة ; لأنها تبتنى على النشاط ) [ ص: 435 ] ولا خلاف فيه . قال بعض أهل العلم : إن تركه لعدم الداعية والانتشار فهو عذر ، وإن تركه مع الداعية إليه لكن داعيته إلى الضرة أقوى فهو مما يدخل تحت قدرته ، فإن أدى الواجب منه عليه لم يبق لها حق ولم يلزمه التسوية . واعلم أن ترك جماعها مطلقا لا يحل له ، صرح أصحابنا بأن جماعها أحيانا واجب ديانة لكنه لا يدخل تحت القضاء والإلزام إلا الوطأة الأولى ولم يقدروا فيه مدة ، ويجب أن لا يبلغ به مدة الإيلاء إلا برضاها وطيب نفسها به . هذا والمستحب أن يسوي بينهن في جميع الاستمتاعات من الوطء والقبلة ، وكذا بين الجواري وأمهات الأولاد ليحصنهن عن الاشتهاء للزنا والميل إلى الفاحشة ، ولا يجب شيء ; لأنه تعالى قال { فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم } فأفاد أن العدل بينهن ليس واجبا .

هذا فأما إذا لم يكن له إلا امرأة واحدة فتشاغل عنها بالعبادة أو السراري اختار الطحاوي رواية الحسن عن أبي حنيفة أن لها يوما وليلة من كل أربع ليال وباقيها له ; لأن له أن يسقط حقها في الثلاث بتزوج ثلاث حرائر ، فإن كانت الزوجة أمة فلها يوم وليلة في كل سبع ، وظاهر المذهب أن لا يتعين مقدار ; لأن القسم معنى نسبي وإيجابه طلب إيجاده وهو يتوقف على وجود المنتسبين فلا يطلب قبل تصوره بل يؤمر أن يبيت معها ويصحبها أحيانا من غير توقيت ، والذي يقتضيه الحديث أن التسوية في المكث أيضا بعد البيتوتة ، ففي السنن عن عائشة رضي الله عنها قالت { كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يفضل بعضا على بعض في القسم في مكثه عندنا ، وكان قل يوم إلا وهو يطوف علينا جميعا فيدنو من كل امرأة منا من غير مسيس حتى يبلغ إلى التي هو في يومها فيبيت عندها } وعلم من هذا أن النوبة لا تمنع أن يذهب إلى الأخرى لينظر في حاجتها ويمهد أمورها .

وفي صحيح مسلم { أنهن كن يجتمعن في بيت التي يأتيها } والذي يظهر أن هذا جائز برضا صاحبة النوبة إذ قد تتضيق لذلك وتنحصر له . ولو ترك القسم بأن أقام عند إحداهن شهرا مثلا أمره القاضي بأن يستأنف العدل لا بالقضاء ، فإن جار بعد ذلك أوجعه عقوبة ، كذا قالوا . والذي يقتضيه النظر أن يؤمر بالقضاء إذا طلبت ; لأنه حق آدمي وله قدرة على إيفائه

التالي السابق


الخدمات العلمية