صفحة جزء
( والسنة في الطلاق من وجهين : سنة في الوقت وسنة في العدد فالسنة في العدد ) ( يستوي فيها المدخول بها وغير المدخول بها ) وقد ذكرناها ( والسنة في الوقت تثبت في المدخول بها خاصة ، وهو أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه ) [ ص: 474 ] لأن المراعى دليل الحاجة وهو الإقدام على الطلاق في زمان تجدد الرغبة وهو الطهر الخالي عن الجماع ،

أما زمان الحيض فزمان النفرة ، وبالجماع مرة في الطهر تفتر الرغبة ( وغير المدخول بها يطلقها في حالة الطهر والحيض ) خلافا لزفر رحمه الله ، هو يقيسها على المدخول بها . ولنا أن الرغبة في غير المدخول بها صادقة لا تقل بالحيض ما لم يحصل مقصوده منها ، وفي المدخول بها تتجدد بالطهر . .


( قوله والسنة في الطلاق من وجهين : في الوقت والعدد ، فالسنة في العدد يستوي فيها المدخول بها وغير المدخول بها وقد ذكرناها ) وهي أن يطلق واحدة ، فإذا طلق غير المدخول بها ثلاثا كان عاصيا ، ففي التي خلا بها أولى أن يكون معصية ، ولا يخفى أن الاستواء بينهما مطلقا تعذر ، فإن السنة من حيث العدد في المدخول بها تثبت بقسميها أن يطلقها واحدة ليس غير وأن يلحقها بأخريين عند الطهر ، ولا يتصور ذلك في غير المدخول بها إذ لا عدة لها ، وهذا ظاهر ( قوله والسنة في الوقت تثبت في المدخول بها خاصة ) وكأنه عمم المدخول بها في التي [ ص: 474 ] خلا بها فإنها أيضا يجب مراعاة السنة في طلاقها ، وذلك الوقت هو الطهر الذي لا جماع فيه ولا في الحيض الذي قبله فلزم في التخلص من البدعة في المدخول بها مراعاة السنتين ، فلو أخل بإحداهما لزمت المعصية ، وإنما لزمتا ; لأن المراعى في تحقق إباحة الطلاق دليل الحاجة إليه وهو الإقدام على الطلاق في زمان تجدد الرغبة ، وزمان تجددها هو الطهر الخالي عن الجماع لا زمان الحيض ، ولا الطهر الذي جومعت فيه . أما زمان الحيض فلأنه زمان النفرة الطبيعية والشرعية ، وأما الطهر الذي جومعت فيه ; فلأن بالجماع مرة تفتر الرغبة . وأما غير المدخول بها فالرغبة فيها متوفرة ما لم يذقها ، فطلاقها في حال الحيض يقوم دليلا على تحقق الحاجة فجاز أن يطلقها في حال الطهر والحيض جميعا ، خلافا لزفر .

هو يقيسها على المدخول بها بجامع أنه وقت النفرة فلم يكن الطلاق فيه دليل الحاجة فلا يباح ، وفيما ذكرنا جوابه بالفرق وهو قوله الرغبة في غير المدخول بها صادقة لا تقل بالحيض . فإن قلت : هذا تعليل في مقابلة النص وهو { قوله صلى الله عليه وسلم لابن عمر ما هكذا أمرك الله } فالجواب أن الإشارة من قوله هكذا إلى طلاقه الخاص الذي وقع منه فجاز كون تلك كانت مدخولا بها ; ولأنه قال في رواية في هذا الحديث { فتلك العدة التي أمر الله تعالى أن يطلق لها النساء } والعدة ليست إلا للمدخول بها .

التالي السابق


الخدمات العلمية