صفحة جزء
( وإن ) ( كان من أهل الشهادة وهي أمة أو كافرة أو محدودة في قذف أو كانت ممن لا يحد قاذفها ) بأن كانت صبية أو مجنونة أو زانية ( فلا حد عليه ولا لعان ) لانعدام أهلية الشهادة وعدم الإحصان في جانبها وامتناع اللعان لمعنى من جهتها فيسقط الحد كما إذا صدقته ، والأصل في ذلك قوله عليه الصلاة والسلام { أربعة لا لعان بينهم وبين أزواجهم : اليهودية والنصرانية تحت المسلم ، والمملوكة تحت الحر ، والحرة تحت المملوك }

[ ص: 284 ] ولو كانا محدودين في قذف فعليه الحد لأن امتناع اللعان بمعنى من جهته إذ هو ليس من أهله


( قوله وإن كان ) أي الزوج ( من أهل الشهادة ) وهي ليست من أهلها أو من أهلها إلا أنها لا يحد قاذفها بأن تكون قد زنت في عمرها فلا حد ولا لعان ، وهو ظاهر فيما إذا كانت لا يحد قاذفها ، أما إذا كانت ممن يحد قاذفها إلا أنها ليست من أهل الشهادة بأن تكون عفيفة محدودة في قذف ; فقد يقال امتناع اللعان لعدم شرط من أين يستلزم امتناع الحد والحال أنها ممن يحد قاذفها فصار كامتناع اللعان من جهة الزوج ولم يسقط الحد عنه .

والجواب أن الزوج لما كان أهلا للعان بأن كان أهلا للشهادة لم يكن حكم قذفه إلا اللعان لا الحد ، فإذا امتنع من جهتها امتنع تمام الموجب ، بخلاف ما إذا امتنع من جهته بعدم أهليته للشهادة فإن حكم قذفه ليس اللعان بل الحد لما بينا ( قوله والأصل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم { أربعة لا لعان بينهم } ) أخرج ابن ماجه في سننه عن ابن عطاء عن أبيه عطاء الخراساني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أربعة من النساء لا ملاعنة بينهم : النصرانية تحت المسلم ، واليهودية تحت المسلم ، والمملوكة تحت الحر ، والحرة تحت المملوك } .

وأخرجه [ ص: 284 ] الدارقطني عن عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي عن عمرو بن شعيب ، وأخرجه بالطريق الأول أيضا وقال وتابعه : يعني تابع عثمان بن عطاء الخراساني يزيد بن زريع عن عطاء وهو أيضا ضعيف .

وروي عن الأوزاعي وابن جريج وهما إمامان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده من قوله ولم يرفعاه ، ثم أخرجه كذلك موقوفا ثم أخرجه عن عمارة بن مطر عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه وضعف رواته .

وأنت علمت أن الضعيف إذا تعددت طرقه كان حجة ، وهذا كذلك خصوصا وقد اعتضد برواية الإمامين إياه موقوفا على جد عمرو بن شعيب ، على أن معنى الحديث المذكور مما يدل عليه آية اللعان على التقرير الذي ذكرناه من أنه شهادات إلى آخره ( قوله ولو كانا محدودين فعليه الحد ) لأن امتناع اللعان بمعنى من جهته ، وكذا إذا كان هو عبدا وهي محدودة في قذف يحد لما ذكرنا ، بخلاف ما إذا كانا كافرين أو مملوكين حيث لا يجب عليه الحد وإن امتنع من جهته لأن قذف الأمة والكافرة لا يوجبه ، بخلاف قذف المحدودة إذا كانت عفيفة ، فإنه لو قذفها أجنبي يحد فكذا الزوج .

ولو قذف الكافرة أو الأمة أجنبي لا يحد فكذا الزوج ، فصار كما لو كانا صغيرين أو مجنونين . وعند الشافعي وغيره يلاعن في الكل لأن كل من هو من أهل اليمين فهو أهل له ، إلا إذا كان أحدهم صغيرا أو مجنونا . قيل عليه كما أن امتناعه بمعنى من جهته كذلك هو بمعنى من جهتها ، فكان ينبغي أن تراعى الجهتان ، فباعتبار جهته ينبغي أن ينتفي اللعان فقط ، وباعتبار جهتها يسقط اللعان فيتبعه سقوط الحد . والجواب أن القذف يوجد أولا منه ، وهو مقتض للعان إن كان أهلا للشهادة ، والحد إن لم يكن ، وعدم أهليتها مانع ولا اعتبار للمانع إلا بعد وجود المقتضي لأن مفهوم المانعية يقتضي ذلك ، إذ حقيقته نسبته إلى المقتضى بالمنع ، ولا وجود لمقتضى اللعان فلا تعتبر المانعية من جهتها للعان . والحد إنما يسقط بما من جهتها تبعا لسقوط اللعان ، ولم يعتبر المسقط المستتبع من جهتها فيبقى على ما كان وقد كان ثابتا فإن قذف الزوج موجب للحد

التالي السابق


الخدمات العلمية