صفحة جزء
( وإن كانت حاملا فعدتها أن تضع حملها ) لإطلاق قوله تعالى { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } [ ص: 313 - 314 ] وقال عبد الله بن مسعود : من شاء باهلته أن سورة النساء القصرى نزلت بعد الآية التي في سورة البقرة . وقال عمر : لو وضعت وزوجها على سريره لانقضت عدتها وحل لها أن تتزوج .


( قوله وإن كانت ) أي المتوفى عنها حاملا فعدتها أن تضع حرة كانت أو أمة كالمطلقة والمتاركة في النكاح الفاسد والوطء بشبهة إذا كانت حاملا كذلك لإطلاق { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } وكان علي رضي الله عنه يقول : لا بد من الوضع والأربعة أشهر وعشر ، وهو قول ابن عباس ، لأن هذه الآية توجب عليها العدة بوضع الحمل قوله تعالى { يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا } يوجبها عليها فيجمع احتياطا . وفي موطأ مالك عن سليمان بن يسار أن عبد الله بن عباس وأبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف اختلفوا في المرأة تنفس بعد زوجها بليال ، فقال أبو سلمة : إذا وضعت ما في بطنها فقد حلت ، وقال ابن عباس : آخر الأجلين ، فقال أبو هريرة رضي الله عنه : أنا مع ابن أخي : يعني أبا سلمة ، فأرسلوا كريبا مولى ابن عباس إلى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم يسألها عن ذلك ، فأخبرهم أنها قالت : { ولدت سبيعة الأسلمية بعد وفاة زوجها بليال ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : قد حللت فانكحي من شئت } . وفي الترمذي : { أنها وضعت بعد وفاته بثلاث وعشرين أو خمسة وعشرين يوما } . وأخرج البخاري عن ابن مسعود قال : أتجعلون عليها التغليظ ولا تجعلون لها الرخصة ، لنزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى يريد بالقصرى يا أيها النبي إذا طلقتم النساء والطولى البقرة . والمباهلة الملاعنة . كانوا إذا اختلفوا في شيء اجتمعوا وقالوا بهلة الله على الظالم منا . وقيل هي مشروعة في زماننا . وقد ورد بلفظ الملاعنة أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه بلفظ : من شاء لاعنته لأنزلت سورة النساء القصرى بعد الأربعة أشهر وعشر . وأخرجه البزار بلفظ : من شاء حالفته .

وأسند عبد الله بن أحمد بن حنبل في مسند أبيه عن أبي بن كعب رضي الله عنه { قلت للنبي صلى الله عليه وسلم { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } المطلقة ثلاثا أو المتوفى عنها زوجها ؟ فقال : هي المطلقة ثلاثا والمتوفى عنها زوجها } وفيه المثنى بن صباح وهو متروك .

وقول عمر رواه في الموطأ عن نافع عن ابن عمر أنه سئل عن المرأة التي توفي عنها زوجها وهي حامل فقال : إذا وضعت حملها فقد حلت ، فأخبره رجل من الأنصار أن عمر قال : لو وضعت وزوجها على سريره ولم يدفن بعد حلت . وفيه رجل مجهول .

وفي الصحيحين { حديث عمر بن عبد الله بن الأرقم أنه دخل على سبيعة بنت الحارث الأسلمية فسألها عن حديثها ، فأخبرته أنها كانت تحت سعد بن خولة وهو من بني عامر بن لؤي . وكان ممن شهد بدرا ، فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل ، فلم تنشب أن وضعت حملها ، فلما تعلت من نفاسها تجملت للخطاب ، فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك رجل من بني عبد الدار فقال : ما لي أراك متجملة لعلك ترجين النكاح ، والله ما أنت بناكحة حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر ، قالت : فلما قال لي ذلك جمعت علي ثيابي حين أمسيت ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك ، فأفتاني أني قد حللت حين وضعت حملي ، وأمرني بالتزوج إن بدا لي } . وكلما كان الاعتداد بالوضع لا تنقضي العدة إلا بوضع الكل ، فلو وضعت ولدا وفي بطنها آخر لم تنقض عدتها وقولها أفتاني أني قد حللت حين وضعت يرد قول من قال من السلف : لا تحل حتى تنقضي مدة نفاسها ، كأنهم أخذوه من [ ص: 315 ] قوله : فلما تعلت من نفاسها قال لها : انكحي من شئت . رتب الإحلال على التعلي فيتراءى توقفه على الطهر فيتقيد به ، لكن ما ذكرنا صريح في ثبوت الحل بالوضع ، ولو تزوجت بعد الأشهر ثم جاءت بولد لأقل من ستة أشهر من المدة ظهر فساد النكاح ولحق بالميت .

التالي السابق


الخدمات العلمية