صفحة جزء
[ ص: 315 ] ( وإذا ورثت المطلقة في المرض فعدتها أبعد الأجلين ) وهذا عند أبي حنيفة ومحمد : وقال أبو يوسف : ثلاث حيض ، ومعناه إذا كان الطلاق بائنا أو ثلاثا ، أما إذا كان رجعيا فعليها عدة الوفاة بالإجماع . لأبي يوسف أن النكاح قد انقطع قبل الموت بالطلاق ولزمتها ثلاث حيض ، وإنما تجب عدة الوفاة إذا زال النكاح في الوفاة إلا أنه بقي في حق الإرث لا في حق تغير العدة ، بخلاف الرجعي لأن النكاح باق من كل وجه . ولهما أنه لما بقي في حق الإرث يجعل باقيا في حق العدة [ ص: 316 ] احتياطا فيجمع بينهما .


( قوله وإذا ورثت المطلقة في المرض ) يتعلق بالمطلقة : أي ورثت التي طلقت في المرض بأن طلقها بغير رضاها بحيث صار فارا ومات وهي في العدة ( فعدتها أبعد الأجلين ) أي الأبعد من أربعة أشهر وعشر وثلاث حيض . فلو تربصت حتى مضت ثلاث حيض ولم تستكمل أربعة أشهر وعشرا لم تنقض عدتها حتى تستكملها . وإن مضت أربعة أشهر وعشر ولم تمض لها ثلاث حيض بأن امتد طهرها لم تنقض عدتها حتى تمضي . وإن مكثت سنين ما لم تدخل سن الإياس فتعتد بالأشهر . إذا عرفت هذا فمن فسر أبعد الأجلين بأنها تعتد بأربعة أشهر وعشر فيها ثلاث حيض مقصر ، إذ لا يصدق إلا إذا كانت الأربعة أشهر وعشر أبعد من الثلاث حيض ، وحقيقة الحال أنه لا بد من أن تتربص آخر الأجلين ، وهذا الحكم ثابت في صور إحداها : هذه . والثانية : إذا قال لزوجتيه أو زوجاته إحداكن طالق بائن ومات قبل البيان فعلى كل واحدة الاعتداد بأبعد الأجلين ولو بين في إحداهما كان ابتداء العدة من وقت البيان . والثالثة أم الولد إذا مات زوجها وسيدها ولم يدر أيهما مات أولا وعلم أن بينهما شهرين وخمسة أيام فصاعدا ، وسنفصلها إن شاء الله تعالى ثم المراد بذلك الطلاق الطلاق البائن واحدة أو ثلاثا ، أما إذا طلقها رجعيا فعدتها عدة الوفاة سواء طلقها في مرضه أو في صحته ودخلت في عدة الطلاق ثم مات الزوج فإنها تنتقل عدتها إلى عدة الوفاة وترث ، بخلاف ما إذا طلقها بائنا في صحته ثم مات لا تنتقل ولا ترث بالاتفاق .

( قوله لأبي يوسف أن النكاح قد انقطع قبل الموت بالبائن ولزمها ثلاث حيض حكما له ، وإنما تلزم عدة الوفاة إذا انقطع بالموت وليس فليس ، وإنما بقي في حق الإرث ) لإجماع الصحابة ردا لقصده السيئ عليه ، وهذا لا يستلزم الحكم ببقائه في حق العدة فلا تتغير به العدة ، بخلاف الرجعي ; لأن النكاح قائم من كل وجه [ ص: 316 ] وإنما انقطع بالموت فتجب عدة الوفاة فيه .

( قوله فيجمع بينهما ) أي بين عدة الطلاق والوفاة ، وذلك لأنه انقطع بالوفاة حقيقة وبالموت حكما ; أما الأول فبفرض المسألة أنه أبانها قبل الموت وباعتباره يجب عدة الطلاق .

وأما الثاني فاعتبار قيام النكاح عند الموت فإن توريثها يستلزم ذلك ولازمه لزوم عدة الوفاة ولازم اللازم لازم فيلزم توريثها الاعتداد بعدة الوفاة فتجب عدة الوفاة ، لكن بقي قول أبي يوسف إن اعتباره قائما لرد قصده عدم توريثها عليه لا يستلزم أن يبقى في حق العدة . وجوابه أن الإرث لا يثبت بالشك والعدة تثبت به ، فإذا بقي النكاح شرعا في حق الإرث فلأن يبقى في حق العدة أولى مع أن الأصل أن الشيء إنما يثبت بلازمه ، وهذا هو معنى قول المصنف احتياطا .

التالي السابق


الخدمات العلمية