صفحة جزء
( والإبراد بالظهر في الصيف وتقديمه في الشتاء ) لما روينا ولرواية أنس رضي الله عنه قال { كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في الشتاء بكر بالظهر ، وإذا كان في الصيف أبرد بها } ( وتأخير العصر ما لم تتغير الشمس في الشتاء والصيف ) لما فيه من تكثير النوافل لكراهتها بعده ، [ ص: 227 ] والمعتبر تغير القرص وهو أن يصير بحال لا تحار فيه الأعين هو الصحيح ، والتأخير إليه مكروه .


( قوله لما روينا ) أي { أبردوا بالظهر } ( ولرواية أنس إلخ ) في البخاري من حديث { خالد بن دينار صلى بنا أميرنا الجمعة ثم قال لأنس : كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر ؟ قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد بكر بالصلاة وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة } . والمراد الظهر لأنه جواب السؤال عنها ( قوله وتأخير العصر ) حاصله أن تأخيرها إلى تغير القرص مكروه ، ويستحب ما لم يصل إلى ذلك ، وإنما يستحب أن [ ص: 227 ] يؤخرها ليتوسع في النوافل لا إلى التغير بل يصليها والشمس بيضاء كما ورد عنه صلى الله عليه وسلم ، وما روي عنه صلى الله عليه وسلم في حديث { والعصر والشمس حية } متفق عليه ، وأول وقت العصر عند أبي حنيفة من صيرورة الظل مثلين مع فيء الزوال ومنه إلى التغير ليس كثيرا جدا ، فلا بعد في كون الأداء قبل ذلك الوقت داخلا في مسمى التعجيل غير أنه ليس تعجيلا شديدا .

وروى الحسن في الفصل بين أذان الظهر والصلاة أن يصلي بعده ركعتين كل ركعة بعشر آيات أو أربعا كلا بخمس آيات .

وروى الدارقطني عن { عبد الواحد بن نافع قال : دخلت مسجد المدينة فأذن مؤذن بالعصر وشيخ جالس فلامه ، وقال : إن أبي أخبرني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بتأخير هذه الصلاة } ، فسألت عنه فقالوا : هذا عبد الله بن رافع بن خديج . وضعف بعبد الواحد . ورواه البخاري في تاريخه الكبير وقال : لا يتابع عليه : يعني عبد الواحد ، والصحيح عن رافع غيره ، ثم أخرج عن رافع { كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العصر ثم ينحر الجزور فيقسم عشر قسم ثم يطبخ فنأكل لحما نضيجا قبل أن تغيب الشمس } وعندي أنه لا تعارض بين هذين ، فإنه إذا صلى العصر قبل تغير الشمس أمكن في الباقي إلى الغروب مثل هذا العمل ، ومن يشاهد المهرة من الطباخين في الأسفار مع الرؤساء لم يستبعد ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية