صفحة جزء
( وإذا خرج عبد الحربي إلينا مسلما عتق ) { لقوله صلى الله عليه وسلم في عبيد الطائف حين خرجوا إليه مسلمين هم عتقاء الله تعالى } [ ص: 454 ] ولأنه أحرز نفسه وهو مسلم ولا استرقاق على المسلم ابتداء .


( قوله وإذا خرج عبد الحربي إلينا مسلما عتق ) سواء خرج سيده بعد ذلك مسلما أو لا . وقيد بالخروج لأنه لو أسلم ولم يخرج لم يعتق ، وبقولنا قالت الأئمة الثلاثة . وقال الأوزاعي : إذا خرج سيده مسلما يرد إليه . وعند الظاهرية : إذا أسلم عتق خرج أو لم يخرج .

وأورد ابن حزم عليه أن سلمان أسلم وسيده كافر ولم يعتق بذلك . ثم أجاب بأنا لم نقل بهذا إلا لعتق رسول الله صلى الله عليه وسلم من خرج إليه مسلما من عبيد أهل الطائف وهي بعد الخندق بدهر . وبدعوى نسخ تملك الكافر للمؤمن بقوله تعالى { ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا } ولا شك في اتجاه الإيراد وهو مما يصلح دليلا لنا .

وفي الجواب ما لا يخفى ( قوله لقوله صلى الله عليه وسلم في عبيد الطائف ) أخرج أبو داود في الجهاد والترمذي في المناقب عن علي رضي الله عنه واللفظ لأبي داود قال : { خرج عبدان بكسر العين إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية قبل الصلح ، فقال مواليهم : يا محمد والله ما خرجوا رغبة في دينك وإنما خرجوا هربا من الرق ، فقال ناس : صدقوا يا رسول الله ردهم إليهم ، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : ما أراكم تنتهون يا معشر قريش حتى يبعث الله عليكم من يضرب رقابكم على هذا ، وأبى أن يردهم إليهم وقال : هم عتقاء الله سبحانه } قال الترمذي حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، ورواه الحاكم وقال : صحيح على شرط مسلم . وذكر الواقدي في غزوة الطائف من كتاب المغازي جماعة من العبيد خرجوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عدهم واحدا واحدا أبو بكرة ووردان والمنبعث والأزرق ومحسن النبال وإبراهيم بن جابر ويسار ونافع ومرزوق ، كل هؤلاء أعتقهم صلى الله عليه وسلم ، فلما أسلمت ثقيف تكلموا في هؤلاء أن يردوا إلى الرق ، فقال صلى الله عليه وسلم " أولئك عتقاء الله لا سبيل إليهم " وأخرج عبد الرزاق : حدثنا معمر عن عاصم بن سليمان ، حدثنا أبو عثمان النهدي عن أبي بكرة { أنه خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محاصر أهل الطائف بثلاثة وعشرين عبدا فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهم الذين يقال لهم العتقاء } . وفي مراسيل أبي داود : { فلما أسلم مواليهم رد النبي صلى الله عليه وسلم الولاء إليهم } وفيه مجهول . وأخرجه البيهقي مرسلا وقال { ثم وفد أهل الطائف فأسلموا وقالوا : يا رسول الله رد علينا رقيقنا الذين أتوك فقال : لا ، أولئك عتقاء الله ورد إلى كل رجل ولاء عبده } [ ص: 454 ] قوله ابتداء ) احتراز عن بقاء الرق فإنه يبقى بعد الإسلام بعد ثبوته بطريقه .

التالي السابق


الخدمات العلمية