صفحة جزء
[ ص: 466 - 467 ] ثم المعتبر يسار التيسير ، وهو أن يملك من المال قدر قيمة نصيب الآخر لا يسار الغنى ، لأن به يعتدل النظر من الجانبين بتحقيق ما قصده المعتق من القربة وإيصال بدل حق الساكت إليه ، [ ص: 468 ] ثم التخريج على قولهما ظاهر ، فعدم رجوع المعتق بما ضمن على العبد لعدم السعاية عليه في حالة اليسار والولاء للمعتق لأن العتق كله من جهته لعدم التجزيء . وأما التخريج على قوله فخيار الإعتاق لقيام ملكه في الباقي إذ الإعتاق يتجزأ عنده ، والتضمين لأن المعتق جان عليه بإفساده نصيبه حيث امتنع عليه البيع والهبة ونحو ذلك مما سوى الإعتاق وتوابعه ، والاستسعاء لما بينا .


( قوله ثم المعتبر يسار التيسير وهو أن يملك من المال قدر قيمة نصيب الساكت ) وهو ظاهر الرواية ، وهو قول الشافعي ومالك وأحمد ، وفي رواية الحسن استثنى الكفاف وهو المنزل والخادم وثياب البدن ( لا يسار الغنى ) أي الغنى المحرم للصدقة كما اختاره بعض المشايخ ( لأن بيسار التيسير يعتدل النظر من الجانبين ) جانب المعتق وجانب الساكت لأن مقصود المعتق القربة وتتميمها بضمانه [ ص: 468 ] ومقصود الساكت بدل حصته وتحقيقه بالضمان لأنه أسرع من الاستسعاء فكان اعتبار نصاب التيسير أسرع في تحقيق مقصودهما فوجب ، وهذا في الحقيقة تعليل للنص وإلا فصريح النص أوجب الضمان عند مجرد تملك قيمته الحصة لأنه المراد بقوله عليه الصلاة والسلام { وكان له مال يبلغ ثمن العبد } باتفاق المتكلمين عليه ( قوله ثم التخريج على قولهما ) أي تخريج تفصيل المسألة على قولهما ( فعدم رجوع المعتق بما ضمن على العبد لعدم السعاية على العبد في حالة اليسار ) فلم يكن الضمان منقولا إليه عما وجب على العبد بل هو شيء واجب عليه ابتداء فلا وجه لرجوعه على غيره .

وأما جعلهما الولاء كله للمعتق للحصة فلأن العتق كله من جهته لعدم التجزيء فكان إعتاق بعضه إعتاق كله . ويسعى في حالة إعساره حرا مديونا . وأما التخريج على قول أبي حنيفة فإثباته خيار الإعتاق للساكت لقيام ملكه في الباقي إذ الإعتاق منجز عنده فلا يعتق الباقي بعتق المعتق نصيبه ( والتضمين ) بالجر : أي وخيار التضمين للمعتق ( لأن المعتق جان عليه بإفساد نصيبه حيث امتنع عليه بالبيع والهبة ونحو ذلك ) من الوصية والصدقة والإجارة والإعارة والإمهار والاستخدام ونحو ذلك ( مما سوى الإعتاق وتوابعه ) من التدبير والاستيلاد والكتابة .

وقوله ( والاستسعاء ) بالجر عطفا على التضمين : أي وإثبات خيار الاستسعاء ( لما بينا ) من أنه احتبس مالية نصيبه عنده ، وإنما يرجع المعتق بما ضمن على العبد لأنه قام مقام الساكت لأنه ملكه بأداء الضمان من وقت الإعتاق فصار كالساكت وللساكت ولاية الاستسعاء ، فكذا لمن قام مقامه وصار كالغاصب إذا قتل المغصوب في يده وضمن للمالك فإنه يرجع على القاتل لأنه ملكه بالضمان وللمالك التضمين ، فكذا [ ص: 469 ] للغاصب ، ولأنه بذلك يصير كعبد خاص به أعتق بعضه فله عتق الباقي أو استسعاؤه .

التالي السابق


الخدمات العلمية