صفحة جزء
( ولو قال أحد الشريكين إن لم يدخل فلان هذه الدار غدا فهو حر ، وقال الآخر : إن دخل فهو حر فمضى الغد ولا يدرى أدخل أم لا عتق النصف وسعى لهما في النصف الآخر ، وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله . وقال محمد : يسعى في جميع قيمته ) لأن المقضى عليه بسقوط السعاية مجهول ، ولا يمكن القضاء على المجهول [ ص: 474 ] فصار كما إذا قال لغيره لك على أحدنا ألف درهم فإنه لا يقضي بشيء للجهالة ، كذا هذا . ولهما أنا تيقنا بسقوط نصف السعاية لأن أحدهما حانث بيقين ، ومع التيقن بسقوط النصف كيف يقضى بوجوب الكل ، والجهالة ترتفع بالشيوع والتوزيع ، كما إذا أعتق أحد عبديه لا بعينه أو بعينه ونسيه ومات قبل التذكر أو البيان ، ويتأتى التفريع فيه على أن اليسار يمنع السعاية أو لا يمنعها على الاختلاف الذي سبق .


( قوله ولو قال أحد الشريكين ) في عبد ( إن لم يدخل فلان ) يعني العبد ( الدار غدا فهو حر وقال الآخر : إن دخلها غدا فهو حر ، فمضى الغد ولا يدرى أدخل أم لا عتق النصف وسعى لهما في النصف الآخر ) بينهما ( وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف ) على تفصيل يقتضيه مذهب أبي يوسف وهو أنه إنما يسعى في النصف لهما إذا كانا معسرين ، فلو كان أحدهما موسرا يسعى في الربع للموسر ، ولو كانا موسرين لا يسعى لأحد ، وإليه أشار المصنف بعد هذا بقوله ويتأتى التفريع فيه على أن اليسار يمنع السعاية أو لا يمنعها على الاختلاف الذي سبق ، فإنما جمع بينه وبين قول أبي حنيفة في أنه لا يجب إلا النصف ( وقال محمد : يسعى في جميع قيمته ) لهما إن كانا معسرين ، وبنصفه للموسر إن كان أحدهما معسرا ، ولا يسعى في شيء إن كانا موسرين ، وهذه على وزان المسألة السابقة أعني إقرار كل منهما أنه هو الذي أعتق ، وهناك إذا كان أحدهما معسرا والآخر موسرا لا يسعى إلا للموسر ، فكذا هذا ، وهذا لأن الذي يأخذ السعاية أبدا يكون هو الساكت والآخر معتق ، فإذا كان أحدهما موسرا فإنه يتبرأ من تضمين المعسر فيأخذ السعاية وعلى إنزال المعسر هو الساكت فزعمه أن لا سعاية له على العبد وإنما حقه في تضمين المعتق الموسر وتضمينه متعذر للشك في أن العتق من جهته بمباشرة شرطه أو من جهة الآخر فتعذر عليه الوصول إلى شيء مطلقا كما لو كانا موسرين فإن كلا يزعم أن حقه تضمين الآخر ليس غير وهو عاجز عنه فلا تضمين ولا سعاية .

( قوله لأن المقضي عليه بسقوط السعاية مجهول ) وهو الذي تحقق شرطه الذي علق عليه عتق العبد ( ولا يمكن القضاء على المجهول ) ولا التوزيع لأنه يؤدي إلى إسقاط بعض حق من له الحق وهو الذي لم يقع شرطه ولم يعتق العبد من جهته وإعطائه لغير مستحقه وهو الذي وقع شرطه وعتق من جهته بخلاف العتق المبهم [ ص: 474 ] لأنه غير واقع في المعين فلم ينافه التوزيع ( فصار كما إذا قال لغيره لك على أحدنا ألف فإنه لا يقضى بشيء للجهالة ) فكذا لا يقضى بسقوط شيء لذلك ، وإذا لم يحكم بسقوط شيء وجب الكل .

( قوله ولهما أنا تيقنا بسقوط نصف السعاية لأن أحدهما حانث بيقين . ومع التيقن بالسقوط كيف يقضى به ، والجهالة ) المانعة من القضاء بالسقوط ( ترتفع بالشيوع ) أي شيوع النصف الذي عتق في نصيب الشريكين ( وتوزيعه ) عليهما فصار المقضي عليه بالسقوط الموليين فلا جهالة في المقضي عليه ، وإنما تلزم لو قضي على أحدهما غير عين وهو منتف للضرورة الموجبة للتوزيع وهو عدم أولوية أحدهما بتمامه وكون التعيين في نفس الأمر يمنع التوزيع منتف بما في كتاب التحري : عشرة رجال لكل منهم جارية أعتق أحدهم جاريته ثم صار لا يدرى المعتق ولا المعتقة ثم اجتمعن في ملك واحد ثم مات فإنه يحكم بعتقهن وتسعى كل واحدة في تسعة أعشار قيمتها ، وصار ( كما إذا أعتق أحد عبديه لا بعينه أو بعينه ونسيه ومات قبل التذكر ) في الثاني ( أو البيان ) في الأول فإن العتق يوزع عندنا لعدم الأولوية فيعتق من كل نصفه ويسعى في قيمة نصفه للورثة . وقيد موته معتبر لأنه إذا لم يمت إنما يطالب بالبيان خلافا للشافعي في أنه يقرع بينهما في قول ، وفي قول الوارث يقام مقامه فإنه إثبات الوراثة فيما لم يجعل الشرع فيه وراثة في الثاني وإسقاط جميع حق المستحق في الأول وإسقاط بعضه للضرورة أولا . وقيل : إن الجهالة في المقضى عليه لا تمنع القضاء إذا كان المقضى له معلوما بدليل أن من طلق إحدى نسائه الأربع قبل الدخول ومات بلا بيان سقط نصف المهر للتيقن به وإن كان المقضى عليها منهن مجهولة ، لكن لما كان المقضى له معلوما جاز القضاء ، كذا هنا المقضى له معلوم وهو العبد . وهذا ولا يخفى أن من صورة المسألة أن يتفقا على ثبوت الملك لكل إلى آخر النهار . .

التالي السابق


الخدمات العلمية