صفحة جزء
[ ص: 165 ] ( ومن قال كل عبد بشرني بولادة فلانة فهو حر فبشره ثلاثة متفرقين عتق الأول ) لأن البشارة اسم لخبر يغير بشرة الوجه ، ويشترط كونه سارا بالعرف ، وهذا إنما يتحقق من الأول ( وإن بشروه معا عتقوا ) لأنها تحققت من الكل


( قوله ولو قال كل عبد بشرني بولادة فلانة فهو حر فبشره ثلاثة متفرقين ) أي متعاقبين عتق الأول منهم فقط لأن البشارة إنما تحققت منه لأنها اسم لخبر يغير بشرة الوجه ، ويشترط كونه سارا في العرف ، وأما في اللغة فهو ما يغير البشرة سارا كان أو ضارا ، قال تعالى { فبشرهم بعذاب أليم } ولكن إذا وقع بما يكره قرن بذكر ما به الوعيد كما في الآية المذكورة ، فلو ادعى أنه في اللغة أيضا خاص بالمحبوب ، وما ورد في المكروه فمجاز دفع بمادة اشتقاقه وهي البشرة فإنها تفيد أن لذلك الخبر أثرا في البشرة ، ولا شك أن الإخبار بما يخافه الإنسان يوجب تغير بشرته في المشاهد المعروف كما يتغير بالمحبوب إلا أن على العرف بناء الأيمان ، وإن بشروه معا عتقوا لأن البشارة تحققت من الكل .

قال تعالى { وبشروه بغلام عليم } فنسبها إلى جماعة فحقيقتها تتحقق بالأولية من فرد أو أكثر ، وأصله ما روي أنه { صلى الله عليه وسلم مر بابن مسعود وهو يقرأ القرآن فقال صلى الله عليه وسلم : من أحب أن يقرأ القرآن غضا طريا كما أنزل فليقرأ بقراءة ابن أم عبد ، فابتدر إليه أبو بكر وعمر بالبشارة ، فسبق أبو بكر عمر ، فكان ابن مسعود يقول : متى ذكر : بشرني أبو بكر وأخبرني عمر } ولو كان مكان البشارة إخبار بأن قال إن أخبرني والباقي بحاله عتق الكل ، ثم إن عدى بالباء بأن قال إن [ ص: 166 ] أخبرني بقدوم فلان اشترط فيه الصدق لإفادتها إلصاق الخبر بنفس القدوم ولا يخفى أنها إنما يتصور لصوقها الإخبار بنفسه : يعني بنفس القدوم لفظا وهو الواقع في الكذب ، فاشتراط الصدق بناء على أن تحقق الإلصاق إنما يكون بإلصاق الإخبار بنفس الواقع ، بخلاف ما لو قال إن أخبرني أن فلانا قدم عتق كل من أخبره صدقا أو كذبا .

وقد أورد على اشتراط الصدق في البشارة أن تغير البشرة كما يحصل بالأخبار السارة صدقا كذلك يحصل كذبا . وأجيب بما ليس بمفيد ، والوجه فيه نقل اللغة والعرف

التالي السابق


الخدمات العلمية