صفحة جزء
[ ص: 183 - 184 ] ( ومن قال عبدي حر إن لم أحج العام ، وقال : حججت وشهد شاهدان أنه ضحى العام بالكوفة لم يعتق عبده ) ، وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف [ ص: 185 ] وقال محمد : يعتق لأن هذه شهادة قامت على أمر معلوم وهو التضحية ، ومن ضرورته انتفاء الحج فيتحقق الشرط . ولهما أنها قامت على النفي لأن المقصود منها نفي الحج لا إثبات التضحية لأنه لا مطالب لها فصار كما إذا شهدوا أنه لم يحج العام . غاية الأمر أن هذا النفي مما يحيط علم الشاهد به ولكنه لا يميز بين نفي ونفي تيسيرا


( قوله ومن قال : عبدي حر إن لم أحج العام فقال بعد انقضائه : حججت وأقام العبد شاهدين على أنه ضحى العام بالكوفة لم يعتق عبده عند أبي حنيفة وأبي يوسف ) [ ص: 185 ] ولم يذكر قول أبي يوسف مع أبي حنيفة في الجامع الصغير ، قاله صاحب المختلف ، وكذا لم يذكره الفقيه أبو الليث في شرح الجامع الصغير ( وقال محمد يعتق لأن هذه شهادة قامت على أمر مشاهد وهو التضحية ) وكيف لا يقبل ( ومن ضرورته انتفاء الحج ) ذلك العام ( فيتحقق الشرط ) فيعتق ( ولهما أنها قامت على النفي ) معنى ( لأن المقصود منها نفي الحج لا إثبات التضحية ) فإن الشهادة على التضحية غير مقبولة لأن المدعي وهو العبد لا حق له فيها يطلبه لأن العتق لم يعلق بها ، وما لا مطالب له لا يدخل تحت القضاء ، وإذا بطلت الشهادة على التضحية بقيت في الحاصل على نفي الحج مقصودا والشهادة على النفي باطلة . فإن قيل : لا نسلم أنها مطلقا باطلة بل النفي إذا كان مما يعلم ويحيط به الشاهد صحت الشهادة عليه ، فإنه ذكر في السير الكبير : شهدا على رجل أنه قال المسيح ابن الله ولم يقل قول النصارى والرجل يقول وصلت به ذلك قبلت هذه الشهادة وبانت امرأته لإحاطة علم الشاهد به . أجاب المصنف بقوله ( غاية الأمر أن هذا نفي يحيط به علم الشاهد لكنه لا يميز بين نفي ونفي ) . في عدم القبول ، بأن يقال : النفي إذا كان كذا صحت الشهادة به وإن كان كذا لا تصح ( تيسرا ) ودفعا للحرج اللازم في تمييز نفي من نفي . وأما مسألة السير فالقبول باعتبار أنها شهادة على السكوت الذي هو أمر وجودي وصار كشهود الإرث إذا قالوا : نشهد أنه وارثه لا نعلم له وارثا غيره حيث يعطي له كل التركة لأنها شهادة على الإرث والنفي في ضمنه والإرث مما يدخل تحت القضاء ، فأما النحر وإن كان وجوديا ونفي الحج في ضمنه لكنه لا يدخل تحت القضاء كما ذكر فكانت الشهادة كعدمها في حقه فبقي النفي وهو المقصود بها ، وأما ما في المبسوط من أن الشهادة على النفي تقبل في الشروط حتى لو قال لعبده : إن لم تدخل الدار اليوم فأنت حر فشهدا أنه لم يدخلها قبلت ويقضى بعتقه وما نحن فيه من قبيل الشروط . فأجيب عنه بأنها قامت بأمر ثابت معاين وهو كونه خارجا فيثبت النفي ضمنا ولا يخفى أنه يرد عليه أن العبد كما لا حق له في التضحية إذ لم تكن [ ص: 186 ] هي شرط العتق فلم تصح الشهادة بها ، كذلك لا حق له في الخروج لأنه لم يجعل الشرط بل عدم الدخول كعدم الحج في مسألتنا ، فلما كان المشهود به مما هو وجودي متضمن للمدعى به من النفي المجعول شرطا قبلت الشهادة عليه وإن كان غير مدعى به لتضمنه المدعى به ، كذلك يجب قبول شهادة التضحية المتضمنة للنفي المدعى به فقول محمد أوجه

التالي السابق


الخدمات العلمية