صفحة جزء
( ويغسل ويكفن ويصلى عليه ) { لقوله عليه الصلاة والسلام في ماعز اصنعوا به كما تصنعون بموتاكم } ولأنه قتل بحق فلا يسقط الغسل كالمقتول قصاصا { وصلى النبي عليه الصلاة والسلام على الغامدية بعدما رجمت }


( قوله ويغسل ويكفن ويصلى عليه لقوله صلى الله عليه وسلم في ماعز { اصنعوا به } الحديث ) وروى ابن أبي شيبة عن أبي معاوية عن أبي حنيفة عن علقمة بن مرثد عن أبي بريدة عن أبيه بريدة قال { لما رجم ماعز قالوا : يا رسول الله ما نصنع به ؟ قال : اصنعوا به ما تصنعون بموتاكم من الغسل [ ص: 229 ] والكفن والحنوط والصلاة عليه }

وأما صلاته عليه الصلاة والسلام على الغامدية فأخرجه الستة إلا البخاري من حديث عمران بن الحصين { أن امرأة من جهينة أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنا فقالت : يا نبي الله أصبت حدا فأقمه علي } الحديث بطوله ، إلى أن قال { فأمر بها فرجمت ثم صلى عليها ، فقال له عمر : أتصلي عليها يا نبي الله وقد زنت ؟ فقال : لقد تابت توبة لو قسمت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم ، وهل وجدت توبة أفضل من أنها جادت بنفسها لله } وفي صحيح البخاري من حديث جابر في أمر ماعز { قال ثم أمر به فرجم ، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم خيرا وصلى عليه } قال ابن القطان : قيل للبخاري قوله { وصلى عليه } قاله غير معمر ؟ قال لا . ورواه الترمذي وقال : حسن صحيح . ورواه غير واحد منهم أبو داود وصححوه . وأما ما رواه أبو داود من حديث أبي برزة الأسلمي { أنه صلى الله عليه وسلم لم يصل على ماعز ولم ينه عن الصلاة عليه } ففيه مجاهيل فإن فيه عن أبي بشر أنه قال : حدثني نفر من أهل البصرة عن أبي برزة . نعم حديث جابر في الصحيحين في ماعز { وقال له خيرا ولم يصل عليه } معارض صريح في صلاته عليه ، لكن المثبت أولى من النافي ، لكن على أصول الحنفية وهو أن النفي إذا كان من جنس ما يعرف بدليل يساوي الإثبات ويطلب الترجيح بغيره لا ينتهض ; لأن هذا النفي وهو كونه لم يصل عليه من ذلك ، إذ لا شك أن الصحابي إذا شهد الصلاة بتمامها يعلم عدم صلاته عليه عليه الصلاة والسلام أو صلاته فيطلب الترجيح بغير ذلك ، وعن هذا ذهب مالك إلى أنه يصلي عليه غير الإمام .

والحاصل أن الصلاة عليه شرعا لا شك فيها ، فإنه مسلم قتل بحق فيغسل ويصلى عليه كالمقتول قصاصا ، بخلاف الشهيد فإنه قتل بغير حق فلا يغسل ليكون الأثر شاهدا له ، والإظهار زيادة تشريفه بقيام أثر الشهادة يوم القيامة . وأما أنه عليه الصلاة والسلام صلى على ماعز ففي حيز التعارض . والغامدية من بني غامد حي من الأزد . قاله المبرد في الكامل . وفي كتاب أنساب العرب غامد بطن من خزاعة ، وقد سمعت في حديث عمران بن الحصين { أتت امرأة من جهينة }

التالي السابق


الخدمات العلمية