صفحة جزء
واختلفوا في حد التقادم ، وأشار في الجامع الصغير إلى ستة أشهر ، فإنه قال بعد حين ، وهكذا أشار الطحاوي ، وأبو حنيفة لم يقدر في ذلك وفوضه إلى رأي القاضي في كل عصر .

وعن محمد أنه قدره بشهر ; لأن ما دونه عاجل ، وهو رواية عن أبي حنيفة وأبي يوسف وهو الأصح . وهذا إذا لم يكن بين القاضي وبينهم مسيرة شهر ، أما إذا كان تقبل شهادتهم ; لأن المانع بعدهم عن الإمام فلا تتحقق التهمة . والتقادم في حد الشرب كذلك [ ص: 283 ] عند محمد ، وعندهما يقدر بزوال الرائحة على ما يأتي في بابه إن شاء الله تعالى


. ( قوله واختلفوا في حد التقادم ، وأشار محمد في الجامع الصغير إلى أنه ستة أشهر حيث قال شهدوا بعد حين ) وقد جعلوه عند عدم النية ستة أشهر على ما تقدم في الأيمان إذا حلف لا يكلمه حينا ، وأبو حنيفة لم يقدره . قال أبو يوسف : جهدنا بأبي حنيفة أن يقدره لنا فلم يفعل وفوضه إلى رأي القاضي في كل عصر ، فما يراه بعد مجانبة الهوى تفريطا تقادم ، وما لا يعد تفريطا غير تقادم ، وأحوال الشهود والناس والعرف تختلف في ذلك ، فإنما يوقف عليه بنظر نظر في كل واقعة فيها تأخير فنصب المقادير بالرأي متعذر ( وعن محمد أنه قدره بشهر لأن ما دونه عاجل ) على ما في مسألة الحلف ليقضين دينه عاجلا فقضاه فيما دون الشهر لا يحنث وبعده يحنث ( وهو رواية عن أبي حنيفة وأبي يوسف وهو الأصح ) ومأخذ هذه الرواية مما في المجرد .

قال أبو حنيفة : لو سأل القاضي الشهود متى زنى بها فقالوا منذ أقل من شهر أقيم الحد ، وإن قالوا شهر أو أكثر درئ عنه . قال أبو العباس الناطفي : فقدره على هذه الرواية بشهر وهو قول أبي يوسف ومحمد ( وهذا ) أعني كون الشهر فصاعدا يمنع قبولها ( إذا لم يكن بينهم وبين القاضي مسيرة شهر ، أما إذا كان تقبل شهادتهم ) بعد الشهر ( لأن المانع بعدهم عن الإمام فلا تتحقق التهمة ) [ ص: 283 ] فقد نظر في هذا التقادم إلى تحقق التهمة فيه وعدمه ، وهو يخالف ما ذكره من قريب أنه بعد ما أنيط بالتقادم لا يراعى وجود التهمة في كل فرد ، إلا أن يقال : إذا كان المانع البعد أو المرض ونحوه من الموانع الحسية والمعنوية حتى تقادم لم يكن ذلك التقادم المناط به بل هو ما لم يكن معه هذه الموانع من الشهادة .

ويجاب بأن هذا رجوع في المعنى إلى اعتبار التقادم المناط به ما يلزمه أحد الأمرين من الفسق والتهمة ، ثم هذا التقادم المقدر بشهر بالاتفاق في غير شرب الخمر ، أما فيه فكذلك عند محمد ( وعندهما يقدر بزوال الرائحة ) فلو شهدوا عليه بالشرب بعدها لم تقبل عندهما ، وستأتي هذه المسألة إن شاء الله تعالى

التالي السابق


الخدمات العلمية