صفحة جزء
( وإذا شهدوا على رجل أنه زنى بفلانة وفلانة غائبة فإنه يحد ، وإن شهدوا أنه سرق من فلان وهو غائب لم يقطع ) والفرق أن بالغيبة تنعدم الدعوى وهي شرط في السرقة دون الزنا ، وبالحضور يتوهم دعوى الشبهة ولا معتبر بالموهوم


( قوله وإذا شهدوا على رجل أنه زنى بفلانة وهي غائبة فإنه يحد ) أجمع الأئمة الأربعة عليه ، وكذا لو أقر بالزنا بغائبة يحد الرجل بإجماعهم لحديث ماعز فإنه أقر بغائبة على ما تقدم ذكره ورحمه عليه الصلاة والسلام . ونقل أبو الليث عن أبي حنيفة أنه كان يقول أولا : لا يحد حتى تحضر المرأة لاحتمال أن تحضر فتدعي ما يسقط الحد من نكاح مثلا ونحوه ، ثم رجع إلى قول الكل ، وسيظهر وجه بطلان القول الأول ( وإن شهدوا أنه سرق من فلان وهو غائب لم يقطع . والفرق أن بالغيبة تنعدم الدعوى والدعوى شرط في السرقة ) للعمل بالبينة لأن الشهادة بالسرقة تتضمن الشهادة بملك المسروق للمسروق منه ، والشهادة للمرء على المرء لا تقبل بلا دعوى وليست شرطا لثبوت الزنا عند القاضي ، وطولب بالفرق بين القصاص إذا كان بين شريكين وأحدهما غائب ليس للحاضر استيفاؤه لجواز أن يحضر فيقر بالعفو وبين الشهادة بزنا الغائبة فإن الثابت في كل منهما شبهة الشبهة .

أجيب بالمنع بل الثابت في صورة القصاص نفس الشبهة وهي احتمال العفو فإن العفو ليس شبهة بل حقيقة المسقط فاحتماله هو الشبهة ، وإنما تكون شبهة الشبهة لو كان العفو نفسه شبهة فيكون احتماله شبهة الشبهة ، بخلاف الغائبة فإن نفس دعواها النكاح مثلا شبهة ، فاحتمال دعواها ذلك شبهة الشبهة ، واعتبارها باطل وإلا أدى إلى نفي كل حد فإن ثبوته بالبينة أو الإقرار ، والذي يثبت به يحتمل أن يرجع عنه ، وكذا الشهود يحتمل أن يرجعوا ، فلو اعتبرت شبهة الشبهة انتفى كل حد . وجه أنه شبهة الشبهة أن نفس رجوع المقر والشاهد شبهة لأنه [ ص: 284 ] يحتمل كذبه في الرجوع فاحتمال الرجوع شبهة الشبهة

التالي السابق


الخدمات العلمية