صفحة جزء
( ولا قطع على سارق الصبي الحر وإن كان عليه حلي ) لأن الحر ليس بمال وما عليه من الحلي تبع له ، ولأنه يتأول في أخذه الصبي إسكاته أو حمله إلى مرضعته . [ ص: 370 ] وقال أبو يوسف : يقطع إذا كان عليه حلي هو نصاب لأنه يجب القطع بسرقته وحده فكذا مع غيره ، وعلى هذا إذا سرق إناء فضة فيه نبيذ أو ثريد . والخلاف في الصبي لا يمشي ولا يتكلم كي لا يكون في يد نفسه .


( قوله ولا قطع على سارق الصبي الحر وإن كان عليه حلي ) يبلغ نصابا ، وقيد بالحر ليخرج العبد على ما سيأتي . والحلي [ ص: 370 ] بضم الحاء المهملة جمع حلي بفتحها ما يلبس من ذهب أو فضة أو جوهر ( وقال أبو يوسف : يقطع إذا بلغ ما عليه نصابا لأنه يجب القطع بسرقته وحده فكذا مع غيره ، والخلاف في صبي لا يمشي ولا يتكلم ) فلو كان يمشي ويتكلم ويميز لا يقطع إجماعا لأنه في يد نفسه فكان أخذه خداعا ولا قطع في الخداع ، وحيث لم يذكر الحاكم في الكافي الخلاف عن أصحابنا ومن ذكره كصاحب المختلف ذكر أنه ظاهر الرواية . وروي عن أبي يوسف يقطع . قيل كان ينبغي للمصنف أن يقول وعن أبي يوسف وإلا أوهم أنه مذهبه المعول عليه عنده ، وليس كذلك . وقال مالك والحسن والشعبي : يقطع بسرقة غير المميز الحر لأنه كالمال .

وجه الظاهر أن الصبي إذا كان كما ذكرنا يكون هو المقصود بالأخذ دون ما عليه وإلا لأخذ ما عليه وتركه وهو ليس بمال ، ولا قطع إلا بأخذ المال فلا يقطع وإن كان إثمه وعقابه أشد من سارق المال . ففي الحديث القدسي عن رب العزة جل جلاله { ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة : رجل أعطي بي ثم غدر ، ورجل باع حرا فأكل ثمنه ، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه عمله ولم يوفه أجره } لكن القطع الذي هو العقوبة الدنيوية لم يثبت عليه شرعا .

وأما التأويل الذي ذكره من قصد تسكيته أو إبلاغه إلى مرضعته فبعيد بعد فرض تحقق سرقته الظاهر منها خلافه ( وعلى هذا الخلاف إذا سرق إناء فضة فيه نبيذ أو ثريد ) أو كلبا عليه قلادة فضة يقطع على رواية أبي يوسف وهو قول الأئمة الثلاثة .

ولأبي حنيفة ومحمد أن الإناء تابع ، وإذا لم يجب في المتبوع القطع لم يجب في التابع ، واعتقادي وجوب القطع في الإناء المعاين ذهبيته وإن كان فيه ما كان ، فإن تبعيته باعتبار ما فيه لا باعتبار القصد بالأخذ إليه ، بل الظاهر أن كلا منهما أصل مقصود بالأخذ ، بل القصد إليه أظهر منه إلى ما فيه لأنه يتوصل بماليته إلى أضعاف ما فيه ، والمانع من القطع إنما هو التبعية في قصد الأخذ لا اعتبار غيره ولا ظاهر يفيده ، وما يوافق ما ذكرناه ما في التجنيس من علامة العيون : سرق كوزا فيه عسل وقيمة الكوز تسعة وقيمة العسل درهم يقطع ، وكذا إذا سرق حمارا يساوي تسعة وعليه إكاف يساوي درهما ، بخلاف ما لو سرق قمقمة فيها ماء يساوي عشرة لأنه سرق ماء من وجه ، وهو نظير ما تقدم من المبسوط فيمن سرق ثوبا لا يساوي عشرة مصرور عليه عشرة ، قال : يقطع إذا علم أن عليه مالا بخلاف ما إذا لم يعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية