صفحة جزء
( ولا يقطع السارق إلا أن يحضر المسروق منه فيطالب بالسرقة ) لأن الخصومة شرط لظهورها ، ولا فرق بين الشهادة والإقرار عندنا خلافا للشافعي في الإقرار ، لأن الجناية على مال الغير لا تظهر إلا بخصومته ، [ ص: 401 ] وكذا إذا غاب عند القطع عندنا ، لأن الاستيفاء من القضاء في باب الحدود


( قوله ولا يقطع السارق إلا أن يحضر المسروق منه فيطالب بالسرقة ، لأن الخصومة شرط لظهور السرقة ) والخصم هو المسروق منه فلا بد من حضوره وهو قول الشافعي وأحمد وقال مالك وأبو ثور : لا تشترط المطالبة لعموم الآية وكما في حد الزنا .

وقوله ( ولا فرق بين الشهادة والإقرار عندنا خلافا للشافعي في الإقرار ) هو خلاف الأصح عنده ، والأصح عنده أن الإقرار كالبينة . يعني إذا أقر عند الحاكم إني سرقت مال فلان نصابا من حرز لا شبهة فيه فإنه لا يقطعه حتى يحضر فلان ويدعي . وما ذكره عن الشافعي رواية عن أبي يوسف لأن خصومة العبد ليس إلا ليظهر سبب القطع الذي هو حق الله تعالى . وبالإقرار يظهر السبب فلا حاجة إلى ظهوره . والجواب أنه ما لم يظهر تصديق المقر له في المقر به فهو للمقر ظاهرا . ولهذا لو أقر لغائب ثم لحاضر جاز ، ولأن شبهة الإباحة بإباحة المالك للمسلمين أو بطائفة السارق منهم ثابتة . وكذا شبهة وجود [ ص: 401 ] إذنه له في دخوله في بيته فاعتبرت المطالبة دفعا لهذه الشبهة .

بخلاف الزنا فإنه لا يباح بإباحة بوجه من الوجوه فلم تتمكن فيه هذه الشبهة . والحق احتمال إباحة المالك ونحوه هي الشبهة الموهومة التي سينفيها المصنف وسيتضح لك ، فالمعول عليه ما ذكرنا من أن ملك المقرر قائم ما لم يصدقه المقر له ( قوله وكذا إذا غاب ) المسروق منه ( عند القطع ) لا يقطع حتى يحضر ، وبه قال الشافعي وأحمد خلافا لمالك ( لأن الإمضاء من القضاء في الحدود ) على ما مر ، وعلى ظاهر كلام المصنف يكون التشبيه في ثبوت خلاف الشافعي ، لكن علمت أن الأصح أنه كقولنا ، ولما ثبت أن المطالبة شرط شرع من بيان من له المطالبة فقال

التالي السابق


الخدمات العلمية