صفحة جزء
[ ص: 406 ] ( وإذا قضي على رجل بالقطع في سرقة فوهبت له لم يقطع ) معناه إذا سلمت إليه ( وكذلك إذا باعها المالك إياه ) وقال زفر والشافعي : يقطع ، وهو رواية عن أبي يوسف ، لأن السرقة قد تمت انعقادا وظهورا ، وبهذا العارض لم يتبين قيام الملك وقت السرقة فلا شبهة .

ولنا أن الإمضاء من القضاء في هذا الباب لوقوع الاستغناء عنه بالاستيفاء ، إذ القضاء للإظهار والقطع حق الله تعالى وهو ظاهر عنده ، [ ص: 407 ] وإذا كان كذلك يشترط قيام الخصومة عند الاستيفاء وصار كما إذا ملكها منه قبل القضاء .


( قوله وإذا قضي على رجل بالقطع في سرقة فوهبها له المالك ) وسلمها إليه أو باعها منه ( لا يقطع . وقال زفر والشافعي ) وأحمد ومالك ( يقطع وهو رواية عن أبي يوسف لأن السرقة قد تمت انعقادا ) بفعلها بلا شبهة ( وظهورا ) عند الحاكم وقضي عليه بالقطع ، ولا شبهة في السرقة إلا لو صح اعتبار عارض الملك المتأخر متقدما ليثبت اعتباره ( وقت السرقة ) ولا موجب لذلك فلا يصح ( فلا شبهة ) فيقطع .

ومما ينفي صحة ذلك الاعتبار ما في { حديث صفوان أنه قال يا رسول الله لم أرد هذا ، ردائي عليه صدقة ، فقال عليه الصلاة والسلام : فهلا قبل أن تأتيني به } رواه أبو داود وابن ماجه ، زاد النسائي في روايته { فقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم } وهذا بخلاف ما لو أقر له بالسرقة بعد القضاء فإنه لا يقطع لأن بالإقرار يظهر الملك السابق فينتفي القطع ( قوله ولنا أن الإمضاء ) يعني استيفاء الحد بالفعل ( من القضاء في باب الحدود ) فما قبل الاستيفاء كما قبل القضاء ، ولو ملكه قبل القضاء لا يقطع فكذا قبل الاستيفاء ، والشأن في بيان أن الاستيفاء من القضاء أو هو القضاء في هذا الباب . وقد بيناه في حد الزنا ، إلا أن المصنف لما كان هذا هنا من مقدمات دليله ولم يبينه هو من قبل بينه بقوله ( لوقوع الاستغناء عنه ) أي عن القضاء ( بالاستيفاء ) حتى لو لم يقض بعد تعديل البينة باللفظ بل أمر بالاستيفاء أو استوفى هو الحد بنفسه سقط عنه القضاء ، وهذا لأن المقصود من القضاء باللفظ ليس إلا إظهار الحق للمستحق والمستحق هنا هو الله عز وجل والحق ظاهر عنده غير مفتقر إلى الإظهار فلا حاجة [ ص: 407 ] إلى القضاء لفظا ، بل ولا يفيده سقوط الواجب عنه إلا بالاستيفاء ( وإذا كان كذلك ) والخصومة شرط ( يشترط قيامها عند الاستيفاء ) كما عند القضاء وهي منتفية بالهبة ، بخلاف رده المال المسروق بعد القضاء بالقطع لأن به تنتهي الخصومة والشيء بانتهائه يتقرر فتكون الخصومة بعده متقررة فيقطع .

وأما الحديث ففي رواية كما ذكر ، وفي رواية الحاكم في المستدرك قال : أنا أبيعه وأنسئه ثمنه ، وسكت عليه . وفي كثير من الروايات لم يذكر ذاك بل قوله ما كنت أريد هذا ، وقوله أيقطع رجل من العرب في ثلاثين درهما ؟ ولم يثبت أنه سلمه إليه في الهبة ، ثم الواقعة واحدة فكان في هذه الزيادة اضطراب ، والاضطراب موجب للضعف . ويحتمل كون قوله هو صدقة عليه كان بعد الدفع إليه وفي ذلك لا يكون ملكا له قبل القبض

التالي السابق


الخدمات العلمية