صفحة جزء
قال : ( فإن أسروا عبدا فاشتراه رجل وأخرجه إلى دار الإسلام ففقئت عينه وأخذ أرشها فإن المولى يأخذه بالثمن الذي أخذ به من العدو ) أما الأخذ بالثمن فلما قلنا ( ولا يأخذ الأرش ) ; لأن الملك فيه صحيح ، فلو أخذه أخذه بمثله وهو لا يفيد ولا يحط شيء من الثمن ; لأن الأوصاف لا يقابلها شيء من الثمن ، بخلاف الشفعة ; لأن الصفقة لما تحولت إلى الشفيع صار المشترى في يد المشتري بمنزلة [ ص: 9 ] المشترى شراء فاسدا ، والأوصاف تضمن فيه كما في الغصب ، أما هاهنا الملك صحيح فافترقا .


( قوله : فإن أسروا عبدا فاشتراه رجل فأخرجه إلى دار الإسلام ففقئت عينه ، وأخذ أرشها ، فإن المولى يأخذه بالثمن الذي أخذ به من العدو ، ولا يأخذ الأرش ; لأن ملكه فيه صحيح ) ; لأنه آخذ بدل ملك صحيح كما لو قتل العبد ، بخلاف المشترى شراء فاسدا على ما سنذكر ( فلو أخذه ) أي الأرش ( أخذه بمثله ) دراهم أو دنانير وعلمت أنه لا يفيد ولو أخذه بزيادة أو نقصان ، ولو كانت أمة فباعها الغانم بألف فولدت في يد المشتري وماتت فأراد المالك القديم أخذ الولد فعند أبي يوسف له ذلك بألف ، وعند محمد بحصته منها ، وذلك بأن يقسم الألف على قيمة الأم يوم القبض وقيمة الولد يوم الأخذ ، فما أصاب كلا فهو حصته من الألف . ( ولا يحط شيء من الثمن ) بما نقص من عينه ( لأن الأوصاف لا يقابلها شيء من الثمن ) بما نقص من عين العبد والعين كالوصف ; لأنها يحصل بها وصف الإبصار ، [ ص: 9 ] وقد فاتت في ملك صحيح فلا يقابلها شيء من الثمن فلا يسقط بفواتها شيء منه ، وإنما لم يقابل شيء من الثمن بالوصف ; لأنه تابع وبفواته لا يسقط شيء من الثمن .

ولهذا لو ظهر في المبيع وصف مرغوب فيه وقد نفياه عند العقد لم يكن للبائع أن يطلب شيئا بمقابلته ; ألا يرى أنه لو اشترى عبدا فذهبت يده أو عينه قبل القبض لا يسقط شيء من الثمن ، والعقر كالأرش . واستشكل بأن الوصف إنما يقابله شيء من الثمن إذا لم يصر مقصودا بالتناول ، أما إذا صار فله حظ من الثمن كما لو اشترى عبدا ففقئت عينه ثم باعه مرابحة فإنه يحط من الثمن ما يخص العين ، ولو اعورت في يده بآفة سماوية لا يحط بل يرابح على كل الثمن ، وكذا في الشفعة إذا كان فوات وصف المشفوع فيه بفعل قصدي قوبل ببعض الثمن ، كما لو استهلك شخص بعض بناء الدار المشفوعة فإنه يسقط عن الشفيع حصته ، ولو فات بآفة سماوية كأن جف شجر البستان ونحوه لا يقابله شيء من الثمن ، وبهذا أورد على إطلاق قوله بخلاف الشفعة ; لأن ذلك في القصدي ، أما في غيره فالشفعة والمسألة التي نحن فيها سواء . وأجيب بأن الوصف إنما يقابله بعض الثمن عند صيرورته مقصودا بالتناول في الملك الفاسد ، وموضع وجوب اجتناب الشبهة كما ذكرت من مسألة المرابحة ; لأنها مبنية على الأمانة دون الخيانة ، وللشبهة حكم الحقيقة فيها والملك في الشفعة للمشتري كالفاسد من حيث وجوب تحويله إليه .

أما في الشراء الصحيح الذي لا يشبه الفاسد فالثمن يقابل العين لا غير . وقوله : لأن الأوصاف تضمن فيه : أي في البيع الفاسد ; لأنه كالغصب من حيث وجوب فسخ السبب ، فالأصل في تقوم الصفات هو الغصب ، وإنما لزمه ذلك مراعاة لحق المالك ومبالغة في دفع الظلم ، والبيع الفاسد دونه في ذلك ; لتحقق التراضي فيه من الجانبين ، غير أن الشرع أهدر تراضيهما في حق الحل ، وطلب رد كل منهما بدله إلى الآخر .

وفي الكافي : [ ص: 10 ] ولأن الأخذ للمالك القديم مع ثبوت الملك الصحيح للمشتري من العدو ثبت ، بخلاف القياس نصا وهو قوله : إن شاء أخذه بالثمن وهو اسم للكل فلا يحط عنه . هذا ولو أنه فقئ عيناه عند الغازي المقسوم له فأخذ قيمته وسلمه للفاقئ فللمالك الأول أخذه من الفاقئ بقيمته أعمى عند أبي حنيفة ، وقالا : بقيمته سليما وهي التي أعطاها الفاقئ للمولى . لهما أنه فوت وصفا فلا يسقط به شيء من ثمنه . وله أنه طرف وهو مقصود فهو كفوات بعض الأصل فيسقط حصته من القيمة كالولد مع الأم ، وهذا ينتقض بمسألة الهداية ، بل الوجه وهو الفرق أن فوات الطرف هنا بفعل الذي ملكه باختياره فكان بمنزلة ما لو اشتراه سليما ثم قطع طرفه باختياره فكان راضيا بتنقيصه ، بخلاف مسألة الكتاب ; لأن الفاقئ غيره بغير رضاه .

[ فرع ] . أسروا جارية ، وأحرزوها ثم ظهر المسلمون عليهم فوقعت في سهم غانم فباعها بألف فولدت في يد المشتري وماتت ، فأراد المالك القديم أخذ الولد ; فعند أبي يوسف له ذلك بألف ، وعند محمد بحصته من الألف ، وذلك بأن يقسم الألف على قيمة الأم يوم القبض وقيمة الولد يوم الأخذ ، فما أصاب كلا فهو حصته .

التالي السابق


الخدمات العلمية