صفحة جزء
( ويقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ) هكذا نقل في المشاهير ( ويسر بهما ) لقول ابن مسعود رضي الله عنه : أربع يخفيهن الإمام ، وذكر منها التعوذ والتسمية وآمين .

وقال الشافعي رحمه الله : يجهر بالتسمية عند الجهر بالقراءة لما روي { أن النبي عليه الصلاة والسلام جهر في صلاته بالتسمية } .

[ ص: 292 ] قلنا : هو محمول على التعليم لأن أنسا رضي الله عنه أخبر { أنه عليه الصلاة والسلام كان لا يجهر بها } .

ثم عن أبي حنيفة رحمه الله أنه لا يأتي بها في أول كل ركعة كالتعوذ .

[ ص: 293 ] وعنه أنه يأتي بها احتياطا وهو قولهما ، ولا يأتي بها بين السورة والفاتحة إلا عند محمد رحمه الله فإنه يأتي بها في صلاة المخافتة


( قوله لقول ابن مسعود رضي الله عنه أربع إلخ ) الرابع التحميد ، والأربعة رواها ابن أبي شيبة عن إبراهيم النخعي ، وروي عن أبي وائل عن عبد الله أنه كان يخفي بسم الله الرحمن الرحيم والاستعاذة وربنا لك الحمد ( قوله لما روي { أنه عليه الصلاة والسلام جهر } ) في صحيح ابن خزيمة وابن حبان والنسائي عن نعيم المجمر { صليت وراء أبي هريرة رضي الله عنه فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، ثم قرأ بأم القرآن حتى بلغ ولا الضالين فقال آمين ، ثم يقول إذا سلم : والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم } قال ابن خزيمة لا ارتياب في صحته عند أهل المعرفة ، وهذا غير مستلزم للجهر لجواز سماع نعيم مع إخفاء أبي هريرة رضي الله عنه فإنه مما يتحقق إذا لم يبالغ في الإخفاء مع قرب المقتدي ، والصريح ما عن ابن عباس رضي الله عنه { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم } وفي رواية جهر قال : قال الحاكم صحيح بلا علة وصححه الدارقطني ، وهذان أمثل حديث في الجهر .

قال بعض الحفاظ : ليس حديث صريح في الجهر إلا في إسناده مقال عند أهل الحديث ، ولذا أعرض أرباب المسانيد المشهورة الأربعة وأحمد فلم يخرجوا منها شيئا مع اشتمال كتبهم على أحاديث ضعيفة قال ابن تيمية : وروينا عن الدارقطني أنه قال : لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في الجهر حديث .

وعن الدارقطني : أنه صنف بمصر كتابا في الجهر بالبسملة فأقسم بعض المالكية ليعرفه الصحيح منها ، فقال لم يصح في الجهر حديث .

وقال الحازمي : أحاديث الجهر وإن كانت مأثورة عن نفر من الصحابة غير أن أكثرها لم يسلم من شوائب . وقد روى الطحاوي وأبو عمر بن عبد البر عن ابن عباس رضي الله عنهما : الجهر قراءة الأعراب ، وعن ابن عباس { لم يجهر النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 292 ] بالبسملة حتى مات } فقد تعارض ما روي عن ابن عباس ثم ، إن تم فهو محمول على وقوعه أحيانا : يعني ليعلمهم أنها تقرأ فيها ، وأوجب هذا الحمل صريح رواية مسلم عن أنس { صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدا منهم يقرأ ببسم الله الرحمن الرحيم } لم يرد نفس القراءة بل السماع للإخفاء بدليل ما صرح به عنه { فكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم } رواه أحمد والنسائي بإسناد على شرط الصحيح ، وعنه { صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فكلهم يخفون بسم الله الرحمن الرحيم } رواه ابن ماجه . وفي لفظ : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسر ببسم الله الرحمن الرحيم } ، وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما وروى الطبراني : حدثنا عبد الله بن وهيب ، حدثنا محمد بن أبي السري ، حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن الحسن عن أنس { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسر ببسم الله الرحمن الرحيم } وأبا بكر وعمر وعثمان وعليا رضي الله عنهم ومن تقدم من التابعين وهو مذهب الثوري وابن المبارك . وقال ابن عبد البر وابن المنذر : وهو قول ابن مسعود وابن الزبير وعمار بن ياسر وعبد الله بن المغفل والحكم والحسن بن أبي الحسن والشعبي والنخعي والأوزاعي وعبد الله بن المبارك وقتادة وعمر بن عبد العزيز والأعمش والزهري ومجاهد وحماد وأبي عبيد وأحمد وإسحاق .

وروى أبو حنيفة عن طريف بن شهاب أبي سفيان السعدي عن زيد بن عبد الله بن مغفل عن أبيه { أنه صلى خلف إمام فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، فناداه : يا عبد الله إني صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فلم أسمع أحدا منهم يجهر بها } ( قوله ثم عن أبي حنيفة إلخ ) هي رواية [ ص: 293 ] الحسن عنه ( وعنه ) وهي رواية أبي يوسف ( أنه يأتي بها وهو قولهما ) وجهها اختلاف العلماء واختلاف الآثار في كونها من الفاتحة ، وعليه إعادة الفاتحة فعليه إعادتها ، ومقتضى هذا سنيتها مع السورة لثبوت الخلاف في كونها من كل سورة كما في الفاتحة إلخ ووجوب السورة كالفاتحة

التالي السابق


الخدمات العلمية