صفحة جزء
( ولو أن حربيا دخل دارنا بأمان ثم عاد إلى دار الحرب وترك وديعة عند مسلم أو ذمي أو دينا في ذمتهم فقد صار دمه مباحا بالعود ) ; لأنه أبطل أمانه ( وما في دار الإسلام من ماله على خطر ، فإن أسر أو ظهر [ ص: 25 ] على الدار فقتل سقطت ديونه وصارت الوديعة فيئا ) أما الوديعة فلأنها في يده تقديرا ; لأن يد المودع كيده فيصير فيئا تبعا لنفسه ، وأما الدين فلأن إثبات اليد عليه بواسطة المطالبة وقد سقطت ، ويد من عليه أسبق إليه من يد العامة فيختص به فيسقط ( وإن قتل ولم يظهر على الدار فالقرض الوديعة لورثته ) وكذلك إذا مات ; لأن نفسه لم تصر مغنومة فكذلك ماله ، وهذا لأن حكم الأمان باق في ماله فيرد عليه أو على ورثته من بعده .


( قوله : ولو أن حربيا دخل دارنا بأمان ثم عاد إلى دار الحرب وترك وديعة عند مسلم أو ذمي أو دينا في ذمتهم فقد صار دمه مباحا بالعود وما في دار الإسلام من ماله ) له ما دام حيا ، وإن مات فهو لورثته ، وكذا إذا قتل من غير [ ص: 25 ] أن يظهر على دارهم كما إذا مات في دار الإسلام ; لأن ماله مشمول بأماننا ما دام في دارنا ، وبه قال الشافعي وأحمد رحمهما الله فإن قيل : ينبغي أن يصير فيئا كما إذا أسلم الحربي في دار الإسلام وله وديعة عند مسلم في دار الحرب ثم ظهر على دارهم تكون فيئا ولا تكون يد المودع كيده في دار الإسلام .

أجيب بالفرق بأن ما في دار الحرب معصوم من وجه لا من كل وجه ، فإن دار الحرب دار إباحة لا عصمة فلا يصير معصوما بالشك بخلاف ما في دار الإسلام تثبت من كل وجه فيبقى إلى أن يثبت المزيل وهو أن يصير نفسه مغنوما وذلك بأن يؤسر أو يظهر على داره فيقتل فحينئذ تصير الوديعة فيئا لعامة المسلمين توضع في بيت المال ; لأنها في يده تقديرا ، فإذا غنم غنمت ، بخلاف ما له من الوديعة في دار الحرب عند المسلم ; لأنها ليست في يده كذلك بل من وجه كما ذكرنا ، ثم هذا ظاهر الرواية .

وعن أبي يوسف أنها يختص بها المودع لما ذكره المصنف في الدين ، وأما الدين فيسقط عمن في ذمته ; لأن ثبوت يده عليه منتف إذ قد صار ملكا للمديون ، وإنما هي ثابتة باعتبار ثبوت حق المطالبة وقد سقطت باستغنامه فيسقط الدين . وإذا حققت هذا ظهر لك أن اختصاص المديون به ضروري غير محتاج إلى تعليله بأنه سبقت يده إليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية