صفحة جزء
( ولا يسبى لهم ذرية ولا يقسم لهم مال ) لقول علي يوم الجمل : ولا يقتل أسير ولا يكشف ستر ولا يؤخذ مال ، وهو القدوة في هذا الباب . وقوله في الأسير تأويله إذا لم يكن لهم فئة ، فإن كانت يقتل الإمام الأسير ، وإن شاء حبسه لما ذكرنا ، ولأنهم مسلمون والإسلام يعصم النفس والمال


( قوله : ولا تسبى لهم ذرية ) إذا ظهر عليهم ( ولا يقسم لهم مال ) بين المقاتلة ( لقول علي ) رضي الله عنه فيما روى ابن أبي شيبة أن عليا لما هزم طلحة وأصحابه أمر مناديه فنادى أن لا يقتل مقبل ولا مدبر : يعني بعد الهزيمة ولا يفتح باب ولا يستحل فرج ولا مال . وروى عبد الرزاق نحوه ، وزاد : وكان علي رضي الله عنه لا يأخذ مال المقتول ويقول : من اعترف شيئا فليأخذه . وفي تاريخ واسط بإسناده عن علي أنه قال يوم الجمل : لا تتبعوا مدبرا ولا تجهزوا على جريح ولا تقتلوا أسيرا . وإياكم والنساء وإن شتمن أعراضكم وسببن أمراءكم ، ولقد رأيتنا في الجاهلية وإن الرجل ليتناول المرأة بالجريدة أو بالهراوة فيعير بها هو وعقبه من بعده .

هذا وفي حديث مرفوع رواه الحاكم في المستدرك والبزار في مسنده من حديث كوثر بن حكيم عن نافع عن ابن عمر { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هل تدري يا ابن أم عبد كيف حكم الله فيمن بغى من هذه الأمة ؟ قال : الله ورسوله أعلم ، قال : لا يجهز على جريحها ولا يقتل أسيرها ولا يطلب هاربها ولا يقسم فيؤها } وأعله البزار بكوثر بن حكيم وبه تعقب الذهبي على الحاكم قال محمد : وبلغنا أن عليا رضي الله عنه ألقى ما أصاب من عسكر أهل النهروان في الرحبة ، فمن عرف شيئا أخذه حتى كان آخره قدر حديد لإنسان فأخذه ( وقول علي رضي الله عنه في الأسير تأويله إذا لم تكن له فئة فإن كانت فالإمام بالخيار إن شاء قتل الأسير ) وإن كان عبدا يقاتل . ( وإن شاء حبسه ) والعبد الذي لا يقاتل بل يخدم مولاه يحبس ( لما ذكرنا ) من دفعه الشر بقدر الإمكان ، وفيه خلاف الأئمة الثلاثة ، ومعنى هذا الخيار أن يحكم نظره فيما هو أحسن الأمرين في كسر الشوكة من قتله وحبسه ، ويختلف ذلك بحسب الحال لا بهوى النفس والتشفي ، وإذا أخذت المرأة من أهل البغي وكانت تقاتل حبست ولا تقتل إلا في حال مقاتلتها دفعا ، وإنما تحبس للمعصية ولمنعها من الشر والفتنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية