صفحة جزء
ثم قوله ولا تجوز بما سوى ذلك يتناول المكيل والموزون والعددي المتقارب ، ولا خلاف فيه بيننا قبل الخلط ، ولكل واحد منهما ربح متاعه وعليه وضيعته ، وإن خلطا ثم اشتركا فكذلك في قول أبي يوسف ، والشركة شركة ملك لا شركة عقد . وعند محمد تصح شركة العقد . وثمرة الاختلاف تظهر عند التساوي في المالين واشتراط التفاضل في الربح ، فظاهر الرواية ما قاله أبو يوسف رحمه الله لأنه يتعين بالتعيين بعد الخلط كما تعين قبله . [ ص: 172 ] ولمحمد أنها ثمن من وجه حتى جاز البيع بها دينا في الذمة . ومبيع من حيث إنه يتعين بالتعيين ، فعملنا بالشبهين بالإضافة إلى الحالين ، بخلاف العروض ; لأنها ليست ثمنا بحال


( لا تجوز بما سوى ذلك يتناول المكيل والموزون والمعدود المتقارب ولا خلاف فيه ) بيننا ( قبل الخلط ) ; لأنها عروض محضة ( لكل منهما متاعه وعليه وضيعته ) ويختص بربحه ، ( وكذا إن خلطا ثم اشتركا عند أبي يوسف ) أي لكل منهما متاعه يخصه ربحه ووضيعته لانتفاء شركة العقد ، والوضيعة خسارة التاجر ، يقال منه مبنيا للمفعول وضع التاجر وكس في سلعته يوضع وضيعة : أي خسر .

وقال قوم من العرب : وضع يوضع كوجل يوجل ( وعند محمد رحمه الله تصح شركة عقد ) إذا كان المخلوط جنسا واحدا ( وثمرة الخلاف تظهر في اشتراط التفاضل في الربح ) فعند أبي يوسف لا يصح ، وعند محمد يلزم ( وقول أبي يوسف هو ظاهر الرواية ) عن أبي حنيفة ; لأنه يتعين بالتعيين فكان عرضا محضا فلا يصح رأس مالها ، وما لا يصح رأس مال الشركة لا يختلف فيه الحال بين الخلط وعدمه ، كما أن ما يصح من النقود لا يختلف في الخلط وعدمه ; وهذا لأن المانع قبل الخلط هو كونه يؤدي إلى ربح ما لم يضمن ، وهو بعينه موجود بعد الخلط بل يزداد تقررا ; لأن المخلوط لا يكون إلا متعينا فيتقرر المعنى المفسد فكيف يكون مصححا للعقد ، ( قوله ولمحمد رحمه الله أنها ) أي المكيل والموزون والعددي المتقارب ( عروض من وجه حتى تتعين بالتعيين ) [ ص: 172 ] ثمن من وجه حتى يصح الشراء بها دينا في الذمة وهو من حكم الأثمان فعملنا ( بالشبهين بالإضافة إلى الحالين ) وهما الخلط وعدمه بشبه العرض قبل الخلط فلا تجوز الشركة بها قبله ، ويشبه الثمن بعد الخلط فتجوز الشركة بها بعده .

وهذا لأن بالخلط تثبت شركة الملك فيتأكد بها شركة العقد ( بخلاف العروض ) المحضة ( فإنها ليست ثمنا بحال ) وظاهر الرواية هو الأظهر وجها ; لأن المكيل والموزون قبل الخلط ليس شيئا غير العرض له شبه به بل هو عرض محض ، وازداد في العرضية في الجملة ، وكون الشيء متأصلا في حقيقة وله شبه بأخرى لا يقال له شبهان ، وغايته أن الثبوت في الذمة عرض عام لحقيقتين مختلفتين ، والمفسد وهو ربح ما لم يضمن لا يختل بالخلط وإلا لزم قول مالك وقد بيناه .

التالي السابق


الخدمات العلمية