صفحة جزء
[ ص: 176 ] قال ( وأما شركة العنان فتنعقد على الوكالة دون الكفالة ، وهي أن يشترك اثنان في نوع بر أو طعام ، أو يشتركان في عموم التجارات ولا يذكران الكفالة ) ، وانعقاده على الوكالة لتحقق مقصوده كما بيناه ، ولا تنعقد على الكفالة ; لأن اللفظ مشتق من الأعراض يقال عن له : أي عرض ، وهذا لا ينبئ عن الكفالة وحكم التصرف لا يثبت بخلاف مقتضى اللفظ


( قوله وأما شركة العنان فتنعقد على الوكالة دون الكفالة ، وهو أن يشترك اثنان في نوع من التجارات بر أو طعام أو يشتركا في عموم التجارات ولا يذكران الكفالة ) ; لأنها خاصة بالمفاوضة ، وعلى هذا فلو ذكراها وكانت باقي شروطها متوفرة انعقدت مفاوضة لما تقدم من عدم اشتراط لفظ المفاوضة في انعقادها بعد ذكر جميع مقتضياتها ، وإن لم تكن متوفرة ينبغي أن تنعقد عنانا ، ثم هل تبطل الكفالة ؟ يمكن أن يقال : تبطل لأن العنان معتبر فيها عدم الكفالة .

ويمكن أن يقال : لا تبطل لأن المعتبر فيها عدم اعتبار الكفالة لا اعتبار عدمها فتصح عنانا ، ثم كفالة كل الآخر زيادة على نفس الشركة : أي كما أنها تكون عنانا مع العموم باعتبار أن الثابت فيها عدم اعتبار العموم لا اعتبار عدم العموم إلا أن الأول قد يرجح بأن هذه الكفالة لمجهول فلا تصح إلا ضمنا ، فإذا لم تكن مما تتضمنها الشركة لم يكن ثبوتها إلا قصدا فلا تصح ، بخلاف ما لو عقد المفاوضة بغير لفظ المفاوضة بأن ذكرا كل مقتضياتها فإن منها الكفالة وتصح ، فإن هذا التفصيل بمنزلة الاسم المركب المرادف للمفرد الداخل في مفهومه الكفالة ، بخلاف العنان ليس المفرد معتبرا في مفهومه الكفالة ( قوله من عن لي كذا ) أي عرض .

قال امرؤ القيس :

فعن لنا سرب كأن نعاجه عذارى دوار في ملاء مذيل

أي اعترض لنا سرب : أي قطيع يريد من بقر الوحش كأن نعاجه عذارى : أي أبكار دوار ، وهو اسم صنم [ ص: 177 ] كانت العرب تنصبه وتدور حوله ، وهو بضم الدال وفتحها .

وقوله في ملاء تشبيه لنعاج البقر في استرخاء لحمها لسمنها بالعذارى ، والملاء المذيل : أي الطويلات الذيل ، وهذا الاشتقاق لا يقتضي المساواة بل عروض عرض تعلق بقدر من الاختلاط قليله وكثيره وعمومه ، وقيل مأخوذ من عنان الفرس كما ذهب إليه الكسائي والأصمعي ، فإنه فعل كل منهما عنان التصرف في بعض ماله لرفيقه وبعضه لنفسه ، أو لأنه يجوز تفاوتهما في المال والربح كما يتفاوت العنان في كف الفارس طولا وقصرا في حالتي الإرخاء وضده ، إلا أنه اشتقاق غير صحيح إلا فيما سمع ولا بد منه كما في : استحجر الطين وأمثاله

التالي السابق


الخدمات العلمية