صفحة جزء
[ ص: 177 ] ( ويصح أن يتساويا في المال ويتفاضلا في الربح ) . وقال زفر والشافعي : لا تجوز لأن التفاضل فيه يؤدي إلى ربح ما لم يضمن ، فإن المال إذا كان نصفين والربح أثلاثا فصاحب الزيادة يستحقها بلا ضمان ، إذ الضمان بقدر رأس المال ، ولأن الشركة عندهما في الربح للشركة في الأصل ، ولهذا يشترطان الخلط ، فصار ربح المال بمنزلة نماء الأعيان فيستحق بقدر الملك في الأصل . ولنا قوله صلى الله عليه وآله وسلم { الربح على ما شرطا ، والوضيعة على قدر المالين } ولم يفصل ، ولأن الربح كما يستحق بالمال يستحق بالعمل كما في المضاربة ; وقد يكون أحدهما أحذق وأهدى وأكثر عملا وأقوى فلا يرضى بالمساواة فمست الحاجة إلى التفاضل ، بخلاف اشتراط جميع الربح لأحدهما لأنه يخرج العقد به من الشركة ومن المضاربة أيضا إلى قرض باشتراطه للعامل أو إلى بضاعة باشتراطه لرب المال ، وهذا العقد يشبه المضاربة من حيث إنه يعمل [ ص: 178 ] في مال الشريك ، ويشبه الشركة اسما وعملا فإنهما يعملان فعملنا بشبه المضاربة .

وقلنا : يصح اشتراط الربح من غير ضمان ويشبه الشركة حتى لا تبطل باشتراط العمل عليها .


( قوله ويصح أن يتساويا في رأس المال ويتفاضلا في الربح ) وعكسه بأن يتفاضلا في رأس المال ويتساويان في الربح وهو قول أحمد .

وقال مالك والشافعي وزفر : لا يجوز . وقوله ويتفاضلا إلخ ليس على إطلاقه ، بل ذلك فيما إذا شرطا العمل عليهما سواء عمل أو عمل أحدهما ، أو شرطاه على من شرط له زيادة الربح ، وإن شرطا العمل على أقلهما ربحا لا يجوز .

وجه قول الثلاثة أن ذلك يؤدي إلى ربح ما لم يضمن ; لأن استحقاق أحدهما لتلك الزيادة بلا ضمان ; لأن الضمان بقدر رأس المال ، وصار كالوضيعة فإنها لا تكون إلا على قدر رأس المال اعتبار للربح بالخسران ( ولنا ) ما ذكر المشايخ من ( قوله صلى الله عليه وسلم { الربح على ما شرطا ، والوضيعة على قدر المالين } ) ولم يعرف في كتب الحديث ، وبعض المشايخ ينسبه إلى علي رضي الله عنه ( ولأن الربح كما يستحق بالمال يستحق بالعمل كما في المضاربة ، وقد يكون أحدهما أحذق وأكثر عملا وأقوى فلا يرضى بالمساواة فمست الحاجة إلى التفاضل ، و ) رأينا ( هذا العقد ) أي شركة العنان ( يشبه المضاربة من حيث إنه يعمل [ ص: 178 ] في مال ) غيره وهو ( الشريك ) ويستربح به ( ويشبه شركة المفاوضة اسما وعملا فإنهما يعملان فعملنا بشبه المضاربة ) في اشتراط الزيادة لأحدهما ، وهو الذي شرط عمله منفردا أو مع الآخر وإن كان ربحا بلا ضمان ، ويشبه المفاوضة حتى أجزنا شرط العمل عليهما ، وكون المضاربة تفسد باشتراط العمل على رب المال لا يبطل اعتبار شبهها الآخر الذي باعتباره أجزنا الزيادة في الربح لأحدهما ، بخلاف ما لو شرط كل الربح لأحدهما فإنه لا يجوز ; لأن العقد حينئذ يخرج عن الشركة والمضاربة أيضا إلى قرض إن شرط للعامل ، كأنه أقرضه ماله فاستحق جميع ربحه ، وإلى بضاعة إن شرط لرب المال ، إلا أنه يرد ما تقدم من أن المضاربة على خلاف القياس فلا يقاس عليها فلا يعتبر شبهها إلا أن يمنع ، ويقال بل الربح يستحق في الشرع تارة بالعمل وتارة بالمال ، والمشروط له الزيادة مشروط عمله ، وإن شرط عمل الآخر ، لكن قد يكون ذلك أحذق وأقوى إلخ

التالي السابق


الخدمات العلمية