صفحة جزء
( من فاتته العشاء فصلاها بعد طلوع الشمس إن أم فيها جهر ) كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قضى الفجر غداة ليلة التعريس بجماعة ( وإن كان وحده خافت حتما ولا يتخير هو الصحيح ) لأن الجهر يختص [ ص: 328 ] إما بالجماعة حتما أو بالوقت في حق المنفرد على وجه التخيير ولم يوجد أحدهما


( قوله غداة ليلة التعريس ) روى محمد بن الحسن في كتاب الآثار : أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي قال { عرس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : من يحرسنا الليلة ؟ فقال رجل من الأنصار شاب : أنا يا رسول الله أحرسكم ، فحرسهم حتى إذا كان من الصبح غلبته عينه فما استيقظوا إلا بحر الشمس ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوضأ وتوضأ أصحابه وأمر المؤذن فأذن وصلى ركعتين ثم أقيمت الصلاة فصلى الفجر بأصحابه وجهر فيها بالقراءة كما كان يصليها في وقتها } . وهذا مرسل ، وهو حجة عندنا وعند الجمهور ، ولو لم يكن لكن يعتضد به حمل ما في مسلم { خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إنكم تسيرون عشيتكم ، إلى أن قال : فكان أول من استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم والشمس في ظهره ، قال : فقمنا فزعين ثم قال : اركبوا فركبنا وسرنا حتى إذا ارتفعت الشمس نزل ثم دعا بميضأة كانت معي فيها شيء من الماء ، إلى أن قال : ثم صلى الغداة فصنع كما كان يصنع كل يوم } على ما يعم الجهر وغيره من الأركان كما هو ظاهر اللفظ لا على مجرد استيفاء الأركان كأحد قولي الشافعي لأنه خلاف الظاهر بلا موجب ( قوله هو الصحيح ) احتراز عن قول شمس الأئمة وفخر الإسلام وقاضي خان : يتخير والجهر أفضل هو الصحيح [ ص: 328 ] وفي الذخيرة هو الأصح لأن القضاء يحكي الأداء ، وقوله لأن الجهر إلخ حاصله أن الحكم الشرعي ينتفي بنفي المدرك الشرعي ، والمعلوم من الشرع كون الجهر على المنفرد تخييرا في الوقت وحتما على الإمام مطلقا ، ولولا الأثر المذكور لقلنا بتقيده بالوقت في الإمام أيضا ، ومثله في المنفرد معدوم فبقي الجهر في حقه على الانتفاء الأصلي ، وهذا يتوقف على أن الأصل فيه شرعية الإخفاء ، والجهر يعارضه دليل آخر فعند فقده يرجع إليه ، وفيه نظر ، بل ظاهر نقلهم { أنه صلى الله عليه وسلم كان يجهر في الصلوات كلها فشرع الكفار يغلطونه كما يشير إليه قوله تعالى { وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه } فأخفى صلى الله عليه وسلم إلا في الأوقات الثلاثة فإنهم كانوا غيبا نائمين وبالطعام مشغولين } فاستقر كذلك يقتضي أن الأصل الجهر ، والإخفاء يعارض ، وأيضا نفي المدرك ممنوع بل هو القياس على أدائها بعد الوقت بأذان وإقامة ، بل أولى لأن فيهما الإعلام بدخول الوقت والشروع في الصلاة ، وقد سن بعد ذلك في القضاء وإن لم تكن ثمة من يعلمه بهما ، فعلم أن المقصود مراعاة هيئة الجماعة .

وقد روي { من صلى على هيئة الجماعة صلت بصلاته صفوف من الملائكة } ذكره في شرح الكنز

التالي السابق


الخدمات العلمية