صفحة جزء
قال : ومن جعل مسجدا تحته سرداب أو فوقه بيت وجعل باب المسجد إلى الطريق ، وعزله عن ملكه فله أن يبيعه ، وإن مات يورث عنه ; لأنه لم يخلص لله تعالى لبقاء حق العبد متعلقا به ، ولو كان السرداب لمصالح المسجد جاز كما في مسجد بيت المقدس . وروى الحسن عنه أنه قال : إذا جعل السفل مسجدا وعلى ظهره مسكن فهو مسجد ; لأن المسجد مما يتأبد ، وذلك يتحقق في السفل دون العلو . وعن محمد على عكس هذا ; لأن المسجد معظم ، وإذا كان فوقه مسكن أو مستغل يتعذر تعظيمه . [ ص: 235 ] وعن أبي يوسف أنه جوز في الوجهين حين قدم بغداد ورأى ضيق المنازل فكأنه اعتبر الضرورة .

وعن محمد أنه حين دخل الري أجاز ذلك كله لما قلنا .


( قوله ومن جعل مسجدا تحته سرداب ) وهو بيت يتخذ تحت الأرض لتبريد الماء وغيره ( أو فوقه بيت ) ليس للمسجد واحد منهما فليس بمسجد ( وله بيعه ويورث عنه إذا مات ) ، ولو عزل بابه إلى الطريق ( لبقاء حق العبد متعلقا به ) والمسجد خالص لله سبحانه ليس لأحد فيه حق قال الله تعالى { وأن المساجد لله } مع العلم بأن كل شيء له فكان فائدة هذه الإضافة اختصاصه به ، وهو بانقطاع حق كل من سواه عنه وهو منتف فيما ذكر . أما إذا كان السفل مسجدا فإن لصاحب العلو حقا في السفل حتى يمنع صاحبه أن ينقب فيه كوة أو يتد فيه وتدا على قول أبي حنيفة ، وباتفاقهم لا يحدث فيه بناء ولا ما يوهن البناء إلا بإذن صاحب العلو ، وأما إذا كان العلو مسجدا فلأن أرض العلو ملك لصاحب السفل ، بخلاف ما إذا كان السرداب أو العلو موقوفا لصاحب المسجد ، فإنه يجوز إذ لا ملك فيه لأحد بل هو من تتميم مصالح المسجد فهو كسرداب مسجد بيت المقدس هذا هو ظاهر المذهب .

وروي عن أبي حنيفة أنه إذا جعل السفل [ ص: 235 ] مسجدا دون العلو جاز ; لأنه يتأبد ، بخلاف العلو ، وهذا تعليل للحكم بوجود الشرط ، فإن التأبيد شرط وهو مع المقتضى ، وإنما يثبت الحكم معهما مع عدم المانع وهو تعلق حق واحد . وعن محمد عكسه ; لأن المسجد معظم وهو تعليل بحكم الشيء وهو متوقف على وجوده ( وعن أبي يوسف أنه جوز ذلك في الأولين لما دخل بغداد ورأى ضيق الأماكن و ) كذا ( عن محمد لما دخل الري ) وهذا تعليل صحيح ; لأنه تعليل بالضرورة

التالي السابق


الخدمات العلمية