صفحة جزء
قال ( والأعواض المشار إليها لا يحتاج إلى معرفة مقدارها في جواز البيع ) لأن بالإشارة كفاية في التعريف وجهالة الوصف فيه لا تفضي إلى المنازعة


( قوله والأعواض المشار إليها ) سواء كانت مبيعات كالحبوب والثياب أو أثمانا كالدراهم والدنانير ( لا يحتاج إلى معرفة مقدارها في جواز البيع ) فإذا قال : بعتك هذه الصبرة من الحنطة أو هذه الكورجة من الأرز والشاشات وهي مجهولة العدد بهذه الدراهم التي في يدك وهي مرئية له فقبل جاز ولزم ; لأن الباقي جهالة الوصف : يعني القدر وهو لا يضر ، إذ لا يمنع من التسليم والتسلم لتعجله كجهالة القيمة لا تمنع الصحة . قال في الفتاوى : قال لغيره : لك [ ص: 260 ] في يدي أرض خربة لا تساوي شيئا فبعها مني بتسعة دراهم فباعها وهو لا يعلم وقيمتها أكثر جاز البيع . بخلاف السلم لا يشار للعوض فيه للأجل فلا يصح في المسلم فيه اتفاقا ، ولا في رأس مال السلم إذا كان مكيلا أو موزونا عند أبي حنيفة رضي الله عنه لما يجيء .

ثم المسألة مقيدة بغير الأموال الربوية وبالربوية إذا قوبلت بغير جنسها ، أما الربوية إذا قوبلت بجنسها كالحنطة بالحنطة والذهب بالذهب فلا يصح مع الإشارة إليها لاحتمال الربا ، واحتمال الربا مانع كحقيقة الربا شرعا ، والتقييد بمقدارها في قوله لا يحتاج إلى معرفة مقدارها احتراز عن الصفة ، فإنه لو أراه دراهم وقال اشتريته بهذه فوجده زيوفا أو بهرجة كان له أن يرجع بالجياد ; لأن الإشارة إلى الدراهم كالتنصيص عليها وهو ينصرف إلى الجياد ، ولو وجدها ستوقة أو رصاصا فسد البيع وعليه القيمة إن كان أتلفها ، ولو قال اشتريتها بهذه الصرة من الدراهم فوجد البائع ما فيها خلاف نقد البلد فله أن يرجع بنقد البلد ; لأن مطلق الدراهم في البيع ينصرف إلى نقد البلد ، وإن وجدها نقد البلد جاز ولا خيار للبائع ، بخلاف ما لو قال اشتريت بما في هذه الخابية ثم رأى الدراهم التي كانت فيها كان له الخيار ، وإن كانت نقد البلد ; لأن الصرة يعرف مقدار ما فيها من خارجها ، وفي الخابية لا يعرف ذلك من الخارج فكان له الخيار ، ويسمى هذا الخيار خيار الكمية لا خيار الرؤية لأن خيار الرؤية لا يثبت في النقود

التالي السابق


الخدمات العلمية