صفحة جزء
[ ص: 264 ] قال ( ويجوز بيع الطعام والحبوب مكايلة ومجازفة ) وهذا إذا باعه بخلاف جنسه لقوله عليه الصلاة والسلام { إذا اختلف النوعان فبيعوا كيف شئتم بعد أن يكون يدا بيد } بخلاف ما إذا باعه بجنسه مجازفة لما فيه من احتمال الربا [ ص: 265 ] ولأن الجهالة غير مانعة من التسليم والتسلم فشابه جهالة القيمة .


( قوله ويجوز بيع الطعام ) وهي الحنطة ودقيقها خاصة في العرف الماضي كما يدل عليه حديث الفطرة : { كنا نخرج على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام أو صاعا من شعير } . فقوله ( والحبوب ) عطف العام على الخاص أو يقدر وكذا باقي : أي وباقي الحبوب فلا يتناول الطعام ( مكايلة ) أي بشرط عدد من الكيل . وإلا ففي اللغة المكايلة أن تكيل له ويكيل لك ( ومجازفة ) أي بلا كيل ولا وزن بل بإراءة الصبرة والجزف في الأصل : الأخذ بكثرة من قولهم جزف له في الكيل إذا أكثر ، ومرجعه إلى المساهلة .

قال المصنف ( وهذا ) يعني البيع مجازفة مقيد بغير الأموال الربوية إذا بيعت بجنسها ، فأما الأموال الربوية إذا بيعت بجنسها فلا يجوز مجازفة لاحتمال الربا ، وهو مانع كحقيقة الربا . وهذا أيضا مقيد بما يدخل تحت الكيل منها ، وأما ما لا يدخل كحفنة بحفنتين فيجوز وفي الفتاوى الصغرى عن محمد أنه كره التمرة بالتمرتين فقال : ما حرم في الكثير حرم في القليل . والقيد مقيد أيضا بما إذا باع غير الحبوب من الربويات بجنسها كفة بكفة فإنه لا يخرج عن المجازفة بسبب أنه لا يعرف قدره . ومع ذلك لو باع الفضة كفة ميزان بكفة ميزان جاز ; لأن المانع إنما هو احتمال الربا وهو باحتمال التفاضل ، وهو منتف فيما إذا [ ص: 265 ] وضع صبرة فضة في كفة ميزان ، ووضع مقابلتها فضة حتى وزنتها فيجوز . والحديث الذي ذكره بمعناه وهو ما روى أصحاب الكتب الستة إلا البخاري عنه عليه الصلاة والسلام أنه { قال الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد ، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كانت يدا بيد } ( ولأن ) هذه ( الجهالة غير مانعة من التسليم والتسلم ) لتعجل التسليم على ما تقدم فلا يمنع ( فشابه جهالة القيمة ) للمبيع بعد رؤيته ومشاهدته ، فإنه لو اشترى من إنسان ما يساوي مائة بدرهم ، والبائع لا يعلم قيمة ما باع لزم البيع

التالي السابق


الخدمات العلمية