صفحة جزء
[ ص: 280 ] ( فصل ) .

( ومن باع دارا دخل بناؤها في البيع وإن لم يسمه ، لأن اسم الدار يتناول العرصة والبناء في العرف ) ولأنه متصل بها اتصال قرار فيكون تبعا له . .

.
( فصل ) .

لما ذكر ما ينعقد به البيع وما لا ينعقد ذكر ما يدخل في المبيع مما لم يسم وما لم يدخل ، واستتبع ما يخرج بالاستثناء وغير ذلك ( قوله ومن باع دارا إلخ ) في المحيط : الأصل أن كل ما كان في الدار من البناء أو متصلا بالبناء تبع لها فيدخل في بيعها كالسالم المتصل والسوار والدرج المتصلة والحجر الأسفل من الرحى ، ويدخل الحجر الأعلى عندنا استحسانا ، والمراد بحجر الرحى المبنية في الدار ، وهذا متعارف في ديارهم ، أما في ديار مصر لا تدخل رحا اليد ; لأنها بحجريها تنقل وتحول ولا تبنى فهي كالباب الموضوع ، والباب الموضوع لا يدخل بالاتفاق في بيع الدار . نعم لو ادعاه أحدهما لنفسه بأن قال هذا ملكي وضعته فإن كانت الدار في يد البائع وادعاه المشتري لنفسه فالقول قول البائع ، وإن كانت في يد المشتري فالقول قول المشتري . واستدل المصنف على دخول البناء ( بأن اسم الدار يتناول العرصة والبناء بأنه متصل بها اتصال قرار ) واستشكل الأول بمسألة الحلف لا يدخل [ ص: 281 ] هذه الدار فدخلها بعدما انهدم بناؤها يحنث ، فلو كان البناء من مسمى لفظ الدار لم يحنث ، وهذا لو أبطل التعليل الأول لا يضر بالمقصود من الحكم لثبوت العلة الأخرى . ثم أجيب بأن البناء وصف فيها وهو لغو في المعينة فكأنه حلف على نفي الدخول في هذا المكان .

وتحقيقه أنه حلف لا يدخل هذه التي تسمى الآن دارا فلا يتقيد الدخول المحلوف عليه بكونها دارا وقت الدخول ، وتدخل البئر الكائنة في الدار ، وإن كان عليها بكرة تدخل ، ولا يدخل الدلو والحبل المعلقان عليها إلا إن كان قال بمرافقها ، ويدخل البستان الذي في الدار صغيرا كان أو كبيرا ، وإن كان خارج الدار لا يدخل ، وإن كان له باب في الدار قاله أبو سليمان ، وقال أبو جعفر : وإن كان أصغر من الدار ومفتحه فيها يدخل ، وإن كان أكبر أو مثلها لا يدخل ، وقيل إن صغر دخل وإلا لا . وقيل يحكم الثمن . وفي المنتقى : اشترى حائطا يدخل ما تحته من الأرض ، وكذا في التحفة من غير ذكر خلاف . وفي المحيط جعله قول محمد والحسن ، وقول أبي يوسف لا يدخل ، وأما أساسه قبل الظاهر من مذهبه أنه يدخل ; لأنه جزء الحائط حقيقة ، ويدخل في بيع الحمام القدور دون قصاعه ، وأما قدر القصارين والصباغين وأجاجين الغسالين وخوابي الزياتين وحبابهم ودنانهم وجذع القصار الذي يدق عليه المثبت كل ذلك في الأرض فلا يدخل ، وإن قال بحقوقها . قلت : ينبغي أن يدخل كما إذا قال بمرافقها ، وأما الطريق ونحوه فسيأتي إن شاء الله تعالى في باب الحقوق .

[ فروع ]

باع فرسا دخل العذار تحت البيع والزمام في بيع البعير ، ولم يذكر في شيء من الكتب ما إذا باع فرسا وعليه سرج ، قيل لا يدخل إلا بالتنصيص أو يحكم الثمن ; ولو باع حمارا قال الإمام محمد بن الفضل : لا يدخل الإكاف بلا شرط ولا يستحق على البائع ، ولم يفصل بين ما إذا كان موكفا أو غير موكف في فتاوى قاضي خان وهو الظاهر ، فالإكاف فيه كالسرج في الفرس . وقال غيره : يدخل الإكاف والبرذعة تحت البيع وإن كان غير موكف وقت البيع ، وإذا دخلا بلا ذكر كان الكلام فيه ما قلنا في ثوب العبد والجارية ، ولا يدخل المقود في بيع الحمار ; لأنه ينقاد دونه ، بخلاف الفرس والبعير وليتأمل في هذا .

باع عبدا أو جارية كان على البائع من الكسوة قدر ما يواري عورته ، فإن بيعت في ثياب مثلها دخلت في البيع وللبائع أن يمسك تلك الثياب ويدفع غيرها من ثياب مثلها يستحق ذلك على البائع ، ولا يكون للثياب قسط من الثمن ، حتى لو استحق الثوب أو وجد بالثوب عيبا لا يرجع على البائع بشيء ولا يرد عليه الثوب ; ولو هلك الثياب عند المشتري أو تعيبت ثم رد الجارية بعيب ردها بجميع الثمن ; لأنه لم يملك الثوب بالبيع فلا يكون له قسط من الثمن ، وعلى هذا ما ذكر في الكافي من رجل له أرض وفيها نخل لغيره فباعهما رب الأرض بإذن الآخر بألف وقيمة كل منهما خمسمائة فالثمن بينهما نصفان لاستوائهما فيه ، فلو هلك النخل قبل القبض بآفة سماوية خير المشتري بين الترك وأخذ الأرض بكل الثمن ; لأن النخل دخل تبعا فلا يقابله شيء من الثمن ، ثم الثمن كله لرب الأرض لانتقاض البيع في حق النخل ، والثمن كله بمقابلة الأصل ، وهو له دون التبع . ولو باع أتانا لها جحش أو بقرة لها عجول اختلف ، قيل يدخلان ، وقيل لا يدخلان ، وقيل يدخل العجول دون الجحش . ولو باع عبدا له مال إن لم يذكر [ ص: 282 ] المال في البيع فماله لمولاه ، وإن باعه مع ماله بكذا ولم يبين المال فسد البيع ، وكذا لو سمى المال ، وهو دين على الناس أو بعضه فسد البيع ، وإن كان عينا جاز البيع إن لم يكن من الأثمان ، فإن كان منها وكان الثمن من جنسه بأن كان دراهم والثمن كذلك ، فإن كان الثمن أكثر جاز ، وإن كان مثله أو أقل لا يجوز ; لأنه بيع للعبد بلا ثمن ، وإن كان منها ، ولم يكن من جنسه بأن كان دراهم ومال العبد دنانير أو بالقلب جاز إذا تقابضا في المجلس ; وكذا لو قبض مال العبد ، ونقد حصته فقط من الثمن ، وإن افترقا قبل القبض بطل العقد في مال العبد . اشترى دارا فوجد في بعض جذوعها مالا ، وإن قال البائع هو لي كان له فيرد عليه ; لأنها وصلت إلى المشتري منه ، وإن قال : ليس لي كان كاللقطة . ولو قال صاحب علو وسفل لآخر بعت منك علو هذا بكذا فقبل جاز ويكون سطح السفل لصاحب السفل وللمشتري حق القرار عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية