صفحة جزء
وأما إذا بيعت الأرض وقد بذر فيها صاحبها ولم ينبت بعد لم يدخل فيه ; لأنه مودع فيها كالمتاع ، .

[ ص: 286 ] ولو نبت ولم تصر له قيمة فقد قيل لا يدخل فيه ، وقد قيل يدخل فيه ، وكأن هذا بناء على الاختلاف في جواز بيعه قبل أن تناله المشافر والمناجل ، ولا يدخل الزرع والثمر بذكر الحقوق والمرافق ; لأنهما ليسا منهما . ولو قال بكل قليل وكثير هو له ومنها من حقوقها أو قال من مرافقها لم يدخلا فيه لما قلنا ، وإن لم يقل من حقوقها أو من مرافقها دخلا فيه . وأما الثمر المجذوذ والزرع المحصود فهو بمنزلة المتاع لا يدخل إلا بالتصريح به . .


( قوله وأما إذا بيعت الأرض وقد بذر فيها صاحبها ولم ينبت لم يدخل ; لأنه مودع فيها كالمتاع ) هكذا أطلق المصنف ، وكذا أطلقه غير واحد ، وقيده في الذخيرة بما إذا لم يعفن ، أما إذا عفن فهو للمشتري ; لأن العفن لا يجوز بيعه على الانفراد فصار كجزء من أجزاء الأرض فيدخل في بيع الأرض . واختار الفقيه أبو الليث أنه لا يدخل بكل حال كما هو إطلاق المصنف . وفي فتاوى الفضلي كما في الذخيرة قال : ولو عفن البذر في الأرض فهو للمشتري وإلا فللبائع ، ولو سقاه المشتري حتى نبت ولم يكن عفن وقت البيع فهو للبائع والمشتري متطوع ; ولو باعها بعدما نبت ولم تصر له قيمة فقد قيل لا يدخل فيكون للبائع ، وقيل يدخل ، ولم يرجح المصنف منها شيئا ورجح في التجنيس قال فيه : قال الفقيه : لا يدخل ، والصواب أنه يدخل ، نص عليه القدوري في شرحه وفي شرح الإسبيجابي انتهى .

وقول الفقيه أبي الليث هو قول أبي القاسم . وفي فتاوى قاضي خان ، قال شيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل : هذا إذا صار الزرع متقوما : أي لا يدخل ، فإن لم يكن متقوما يدخل الزرع من غير ذكر ، قال : وإنما تعرف قيمته بأن تقوم الأرض مبذورة وغير مبذورة فإن كانت قيمتها مبذورة أكثر من قيمتها غير مبذورة علم أنه صار متقوما انتهى .

وبهذا ظهر أن حكاية اتفاق [ ص: 286 ] المشايخ على عدم الدخول مطلقا ليست واقعة بل قولان : عدم الدخول مطلقا ، والتفصيل بين أن يعفن فيدخل أو لا فلا ، وكان المناسب أن يقول : تقوم الأرض بلا ذلك الزرع وبه ، فإن زاد فالزائد قيمته ، وأما تقويمها مبذورة وغير مبذورة فإنما المناسب من يقول إذا عفن البذر يدخل ويكون للمشتري ، ويعلله بأنه لا يجوز بيعه وحده ; لأنه حينئذ ليس له قيمة . قال المصنف ( وكأن هذا ) بتشديد النون : يعني الاختلاف في دخول الزرع الذي ليست له قيمة وعدمه ( بناء على الاختلاف في جواز بيعه قبل أن تناله المشافر والمناجل ) من قال : لا يجوز بيعه قال : يدخل ، ومن قال يجوز قال لا يدخل . ولا يخفى أن كلا من الاختلافين مبني على سقوط تقومه وعدمه ، فإن القول بعدم جواز بيعه وبدخوله في البيع كلاهما مبني على سقوط تقومه ، والأوجه جواز بيعه على رجاء تركه كما يجوز بيع الجحش كما ولد على رجاء حياته فينتفع به في ثاني الحال ( قوله ولا يدخل الزرع والثمر بذكر الحقوق والمرافق إلخ ) يعني إذا باع أرضا فيها زرع وشجر وعليه ثمر أو باع شجرا فقط وعليه ثمر وقال : بعتها أو اشتريتها بجميع حقوقها ومرافقها لا يدخل الزرع والثمر بذلك ; لأنهما ليسا من الحقوق والمرافق ، وكذا لو قال بكل قليل وكثير هو له فيها أو منها من حقوقها أو من مرافقها لم يدخلا أيضا لما ذكرنا بعينه ، ولو كان اقتصر على قوله بكل قليل وكثير هو له فيها أو منها أو على قوله بكل قليل فيها أو منها دخلا ، هذا في المتصل بالأرض والشجر ; أما الثمر المجذوذ والزرع المحصود فيها فلا يدخل ، ولو قال بكل قليل وكثير هو فيها ما لم ينص عليه والمجدود بدالين مهملتين ومعجمتين بمعنى واحد : أي المقطوع غير أن المهملتين هنا أولى ليناسب المحصود .

التالي السابق


الخدمات العلمية