صفحة جزء
[ ص: 298 ] ( باب خيار الشرط ) .

قال : ( خيار الشرط جائز في البيع للبائع والمشتري [ ص: 299 ] ولهما الخيار ثلاثة أيام فما دونها )

والأصل فيه ما روي : { أن حبان بن منقذ بن عمرو الأنصاري رضي الله عنه كان يغبن في البياعات ، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام إذا بايعت فقل لا خلابة ولي الخيار ثلاثة أيام } .

[ ص: 300 ] ( ولا يجوز أكثر منها عند أبي حنيفة ) وهو قول زفر والشافعي . وقالا ( يجوز إذا سمى مدة معلومة لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه أجاز الخيار إلى شهرين ) ; ولأن الخيار إنما شرع للحاجة إلى التروي ليندفع الغبن ، وقد تمس الحاجة إلى الأكثر فصار كالتأجيل في الثمن .

[ ص: 301 ] ولأبي حنيفة أن شرط الخيار يخالف مقتضى العقد وهو اللزوم ، وإنما جوزناه بخلاف القياس لما رويناه من النص ، فيقتصر على المدة المذكورة فيه وانتفت الزيادة .

[ ص: 302 ] ( إلا أنه إذا أجاز في الثلاث ) جاز عند أبي حنيفة خلافا لزفر ، هو يقول : إنه انعقد فاسدا فلا ينقلب جائزا . وله أنه أسقط المفسد قبل تقرره فيعود جائزا كما إذا باع بالرقم وأعلمه في المجلس .

[ ص: 303 ] ولأن الفساد باعتبار اليوم الرابع ، فإذا أجاز قبل ذلك لم يتصل المفسد بالعقد ، ولهذا قيل : إن العقد يفسد بمضي جزء من اليوم الرابع ، وقيل ينعقد فاسدا ثم يرتفع الفساد بحذف الشرط ، وهذا على الوجه الأول .


( باب خيار الشرط ) .

قد عرف أن البيع علة لحكمة لزوم تعاكس الملكين في البدلين ، والأصل أن لا يتخلف حكم العلة عنها فقدم ما هو الأصل . ثم شرع يذكر ما تعلق بالعلة التي تخلف عنها مقتضاها ، وهو البيع بشرط الخيار ، وظهر أن شرط الخيار مانع ثابت على خلاف القياس لنهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع وشرط ، ويقال للبيع المشروط فيه الخيار علة اسما ومعنى لا حكما ، وللمستلزم علة اسما ومعنى وحكما ، وقد عرف ذلك من اصطلاحهم في الأصول . والموانع خمسة أقسام : مانع يمنع انعقاد العلة وهو حرية المبيع فلا ينعقد المبيع في الحر ; لأنها لا تنعقد إلا في محلها ، ومحل البيع المال والحر ليس بمال ، فلا وجود للبيع أصلا فيه كانقطاع الوتر يمنع أصل الرمي بعد القصد إليه . ومانع يمنع تمام العلة وهو البيع المضاف إلى مال الغير كإصابة السهم بعد الرمي حائطا فرده عن سننه . ومانع يمنع ابتداء الحكم بعد انعقاد العلة وهو خيار الشرط يمنع ثبوت حكمه وهو خروج المبيع عن ملكه على مثال استتار المرمى إليه بترس يمنع من إصابة الغرض منه . ومانع يمنع تمام الحكم بعد ثبوته كخيار الرؤية للمشتري . ومانع يمنع لزومه كخيار العيب وإضافة الخيار إلى الشرط على حقيقة الإضافة ، وهي إضافة الخيار إلى سببه إذ سببه الشرط ، وحين ورد شرعيته جعلناه داخلا في الحكم مانعا من ثبوته تقليلا لعمله بقدر الإمكان ، وذلك ; لأن عمله إثبات الحظر في ثبوت الملك وبذلك يشبه القمار فقللنا شبهه .

ولقائل أن يقول : القمار ما حرم لمعنى الحظر ، بل باعتبار تعليق الملك بما لم يضعه الشرع سببا للملك ، فإن الشارع لم يضع ظهور العدد الفلاني في ورقة مثلا سببا للملك ، والحظر طرد في ذلك لا أثر له . نعم يتجه أن يقال اعتبرناه في الحكم تقليلا ، بخلاف الأصل وأما كونه فيه غرر وقد نهى عن بيع الغرر فذلك الغرر في المبيع ، وهذا في أن الملك هل يثبت أو لا ( قوله خيار الشرط جائز في البيع للبائع والمشتري [ ص: 299 ] ولهما ثلاثة أيام ) يروى بنصب ثلاثة أيام على الظرف : أي في ثلاثة وبرفعها على أنه خبر مبتدإ محذوف : أي هو ثلاثة أيام . ثم في فتاوى قاضي خان : إذا شرط الخيار لهما لا يثبت حكم العقد أصلا ويثبت الخيار في البيع الفاسد كالصحيح ( قوله والأصل فيه ما روي أن حبان بن منقذ بن عمرو الأنصاري رضي الله عنه كان يغبن في البياعات ) الحديث . روى الحاكم في المستدرك من حديث محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر قال : { كان حبان بن منقذ بن عمرو رجلا ضعيفا ، وكان قد أصابته في رأسه مأمومة فجعل له رسول الله صلى الله عليه وسلم الخيار إلى ثلاثة أيام فيما اشتراه ، وكان قد ثقل لسانه ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : بع وقل لا خلابة } وكان يشتري الشيء فيجيء به إلى أهله فيقولون له هذا غال فيقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خيرني في بيعي وسكت عليه . وحبان بفتح الحاء المهملة ومنقذ بالمعجمة . ورواه الشافعي من طريق محمد بن إسحاق قال : أخبرنا سفيان عن محمد بن إسحاق به ، ثم قال الشافعي رحمه الله : والأصل في بيع الخيار أنه فاسد ، ولكن لما شرط رسول الله صلى الله عليه وسلم في المصراة خيار ثلاثة أيام في البيع .

وروي أنه جعل لحبان بن منقذ خيار ثلاثة فيما ابتاع انتهينا إلى ما قال صلى الله عليه وسلم . وأخرجه البيهقي في سننه عن ابن عمر : { سمعت رجلا من الأنصار يشكو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يزال يغبن في البيوع ، فقال له : إذا بايعت فقل لا خلابة ثم أنت بالخيار في كل سلعة ابتعتها ثلاث ليال } قال ابن إسحاق : فحدث به محمد بن يحيى بن حبان قال : كان جدي منقذ بن عمرو قد أصيب في رأسه وكان يغبن في البيع ، فذكر نحوه . ورواه ابن ماجه عن محمد بن يحيى بن حبان قال : كان جدي منقذ بن عمرو [ ص: 300 ] وكان قد أصابه آمة في رأسه فكسرت لسانه ، وكان لا يدع على ذلك التجارة وكان لا يزال يغبن ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له . الحديث . وهو يقتضي أن المقول له منقذ بن عمرو ، لا حبان ابنه ، ولا شك أن هذا منقطع ، وغلط من عزاه لأبي داود ، وكذا رواه البخاري في تاريخه الأوسط عن محمد بن يحيى بن حبان قال : كان جدي منقذ بن عمرو فذكره قال : وعاش مائة وثلاثين سنة

والحديث وإن دار على ابن إسحاق فالأكثر على توثيقه ، ورجع مالك عما قال فيه ذكر السهيلي في الروض الأنف ، وكذا رواه ابن أبي شيبة عن محمد بن يحيى بن حبان قال : { قال عليه الصلاة والسلام لمنقذ بن عمرو قل لا خلابة ، وإذا بعت بيعا فأنت بالخيار } ولا شك أن كون الواقعة لحبان أرجح ; لأن هذا منقطع وذلك موصول ، هذا وشرط الخيار مجمع عليه . وأما ما روي في الموطإ والصحيح عن ابن عمر { أن رجلا ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يخدع في البيوع فقال : إذا بايعت فقل لا خلابة } والخلابة الخديعة فليس فيه دليل على المقصود ; والعجب ممن قال الأصل في جواز شرط الخيار ثم ذكر هذا الحديث وهو لا يمس المطلوب . [ فرع ]

يجوز إلحاق خيار الشرط بالبيع ، لو قال أحدهما بعد البيع ولو بأيام جعلتك بالخيار ثلاثة أيام صح بالإجماع ، حتى لو شرط الخيار بعد البيع البات شهرا ورضيا به فسد العقد عند أبي حنيفة خلافا لهما ، ولو ألحقا به شرطا فاسدا بطل الشرط ، ولا يفسد العقد في قولهما ويفسد في قول أبي حنيفة ، ولو باع على أنه بالخيار على أن له أن يستغله ويستخدمه جاز وهو على خياره . ولو قال في بيع بستان على أنه بالخيار على أن له أن يأكل من ثمرته لا يجوز ; لأن الثمر له حصة من الثمن وليس للبائع أن يطالب بالثمن قبل أن يسقط المشتري خياره . ولو قال له أنت بالخيار كان له خيار ذلك المجلس فقط ، ولو قال إلى الظهر ; فعند أبي حنيفة يستمر له إلى أن يخرج وقت الظهر ، وعندهما لا تدخل الغاية ( قوله ولا يجوز أكثر منها ) أي من ثلاثة أيام عند أبي حنيفة ( وهو قول زفر والشافعي ) وكما لا يجوز عند أبي حنيفة إذا زاد على ثلاثة أيام كذلك لا يجوز إذا أطلق ( وقالا : يجوز إذا سمى مدة معلومة لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أجاز البيع إلى شهرين ) وهذا دليل جزء الدعوى ; لأنه جوزه أكثر من ثلاثة أيام طالت المدة أو قصرت وحديث ابن عمر يفيد جواز أكثر من الثلاثة بمدة خاصة لا غير ( لأن الخيار إنما شرع للحاجة إلى التروي ليندفع الغبن ، وقد تمس الحاجة إلى الأكثر فصار كالتأجيل في الثمن ) شرع للحاجة إلى التأخير مخالفا لمقتضى العقد ، ثم جاز أي مقدار تراضيا عليه وبقولهما قال أحمد لقوله عليه الصلاة والسلام { المسلمون [ ص: 301 ] عند شروطهم } . وقال مالك : إذا كان المبيع مما لا يبقى أكثر من يوم كالفاكهة لا يجوز أن يشترط الخيار في أكثر من يوم ، وإن كان ضيعة لا يمكن الوقوف عليها في ثلاثة أيام يجوز أن يشترط أكثر من ثلاثة ; لأنه شرع للحاجة . ويمكن أن يقال : لم يتعين اشتراط الأكثر طريقا ; لأنه إن كان لإمكان أن يذهب فيراها قبل الشراء ثم يشتري لا حاجة إلى شرط الخيار أصلا ; لأن خيار الرؤية ثابت له ولو تأخرت رؤيته سنة ، وإن كان للتروي في أمرها هل تساوي الثمن المذكور أو لا أو هي منتفع بها على الكمال أو لا وإن لم يرها ؟ فهذا لا يتوقف على أكثر من الثلاثة ; لأنه يعرف بالسؤال والمراجعة للناس العارفين وذلك يحصل في مدة الثلاث . وأما ما يتسارع إليه بفساد فحكمه مسطور . في فتاوى القاضي : اشترى شيئا يتسارع إليه الفساد على أنه بالخيار ثلاثة أيام في القياس لا يجبر المشتري على شيء . وفي الاستحسان يقال للمشتري إما أن تفسخ البيع وإما أن تأخذ المبيع ولا شيء عليك من الثمن حتى تجيز البيع أو يفسد المبيع عندك دفعا للضرر من الجانبين ، وهو نظير ما لو ادعى في يد رجل بشراء شيء يتسارع إليه الفساد كالسمكة الطرية وجحد المدعى عليه ، وأقام المدعي البينة ويخاف فسادها في مدة التزكية فإن القاضي يأمر مدعي الشراء أن ينقد الثمن ويأخذ السمكة ثم القاضي يبيعها من آخر ويأخذ ثمنها ويضع الثمن الأول والثاني على يد عدل ، فإن عدلت البينة يقضى لمدعي الشراء بالثمن الثاني ويدفع الثمن الأول للبائع ; ولو ضاع الثمنان عند العدل يضيع الثمن الثاني من مال مدعي الشراء ; لأن بيع القاضي كبيعه ، ولو لم تعدل البينة فإنه يضمن قيمة السمكة للمدعى عليه ; لأن البيع لم يثبت وبقي آخذا مال الغير بجهة البيع فيكون مضمونا عليه بالقيمة . وجه قول أبي حنيفة ( أن شرط الخيار يخالف مقتضى العقد وهو اللزوم ) ثبت نصا على خلاف القياس في المدة المذكورة للتروي فيما يدفع الغبن عنه ، ولا شك أن النظر لاستكشاف كونه في هذا المبيع مغبونا أو غير مغبون مما يتم في ثلاثة أيام بل في أقل منها ; فإن معرفة كونه مغبونا في هذه الصفقة أو لا ليس من العلوم البالغة في الخفاء والإشكال ليحتاج في حصوله إلى مدة تزيد عليها ، فكان الزائد على الثلاث ليس في محل الحاجة إليه لحصول المعنى المذكور فلا يجوز إلحاقه بالثلاث دلالة كما لا يجوز بالقياس . ولو فرض من الغباوة بحيث لا يستفيد كونه مغبونا لم يعذر ، ولا يبنى الفقه باعتباره ; لأن مثله زائل العقل ، وبهذا يظهر في قول ابن الجوزي في التحقيق في حديث حبان إنه خرج مخرج الغالب غير صحيح ; ولأنه عليه الصلاة والسلام ضرب الثلاث لمن كانت غاية في ضعف المعرفة على ما ذكر في أمر حبان أنه كان رجلا ضعيفا وكان بدماغه مأمومة أفسدت ، أو أنه منقذ وكان قد أصابته آمة في رأسه فكسرت لسانه ونازعت عقله وبلغ من السن مائة وثلاثين سنة كما في تاريخ البخاري الأوسط ، فأي حالة تزيد على هذه من الضعف إلا عدم العقل بالكلية ، ومع ذلك لم يجعل له النبي صلى الله عليه وسلم سوى ثلاثة أيام فلا شك في منع الزائد مع أنه وجد في السمع ما ينفيه صريحا ، وهو وإن لم يبلغ درجة الحجة فلا شك أنه يستأنس به بعد تمام الحجة ، وهو ما روى عبد الرزاق من حديث أبان بن أبي عياش عن أنس { أن رجلا اشترى من رجل بعيرا وشرط عليه الخيار أربعة أيام فأبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيع وقال : الخيار ثلاثة أيام } إلا أنه أعل بأبان مع الاعتراف بأنه كان رجلا صالحا ، وكذا أخرج الدارقطني عن نافع عن ابن عمر { أن النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 302 ] قال الخيار ثلاثة أيام } وفيه أحمد بن ميسرة متروك . وأما ما استدلوا من حديث ابن عمر المذكور في الكتاب فلا يعرف في شيء من كتب الحديث والآثار . وأما القياس على الأجل فنقول بموجبه ولا يضرنا ، فإن الشارع لما شرع الأجل على خلاف القياس شرعه مطلقا فعملنا بإطلاقه ، وهنا لما شرع الخيار شرعه مقيدا بثلاثة أيام أو بثلاث ليال فعملنا بتقييده ، حتى أنه لو شرع الأجل أيضا مقيدا بمدة كنا نقول لا يزاد عليها أيضا ، ولوجوب الاقتصار على مورد النص نقل عن سفيان الثوري وابن شبرمة أن شرط الخيار للبائع لا يجوز ; لأن نفس الخيار ما ورد إلا للمشتري . قلنا : ممنوع بل للأعم ، فإنه صلى الله عليه وسلم قال له " إذا بايعت " وهو يصدق بكونه بائعا ومشتريا ( قوله إلا أنه ) استثناء من قوله ولا يجوز أكثر منها : أي لا يجوز في وقت من الأوقات إلا في وقت إجازته داخل الثلاثة ( عند أبي حنيفة رضي الله عنه خلافا لزفر ) وبه قال الشافعي ( هو ) أي زفر ( يقول إنه ) أي العقد ( انعقد فاسدا فلا ينقلب جائزا ) كما إذا باع الدرهم بدرهمين ثم أسقط الدرهم الزائد لا يقع صحيحا ، أو باع عبدا بألف ورطل خمرا ثم أسقط الخمر ، وهذا ; لأن البقاء على حسب الثبوت فإن الباقي هو الذي كان قد ثبت ( ولأبي حنيفة أنه ) أي من له الخيار ( أسقط المفسد ) وهو اشتراط اليوم الرابع ( قبل تقرره ) أي قبل ثبوته وتحققه ; لأن ثبوته بمضي ثلاثة أيام فيعود جائزا ( كما إذا باع بالرقم وعلمه بالمجلس فرضي به ) وهذا ; لأن المفسد ليس هو شرط الخيار ، بل وصله بالرابع وهو بعرض الفصل قبل مجيئه ، فإذا أسقطه فقد تحقق زوال المعنى المفسد قبل مجيئه فيبقى العقد صحيحا . ثم اختلف المشايخ في حكم هذا العقد في الابتداء ، فعند مشايخ العراق حكمه الفساد بحسب الظاهر إذ الظاهر دوامهما على الشرط ، فإذا أسقطه تبين الأمر خلاف الظاهر فينقلب صحيحا ، وقال مشايخ خراسان والإمام السرخسي وفخر الإسلام وغيرهما من مشايخ ما وراء النهر : هو موقوف ، وبالإسقاط قبل الرابع ينعقد صحيحا ، وإذا مضى جزء من اليوم الرابع فسد العقد الآن وهو الأوجه ، كذا في الظهيرية والذخيرة [ ص: 303 ] وذكر الكرخي نصا عن أبي حنيفة أن البيع موقوف على إجازة المشتري وأثبت للبائع حق الفسخ قبل الإجازة ; لأن لكل من المتعاقدين حق الفسخ في البيع الموقوف . ولا يخفى أنه لا معنى بحسب الظاهر دون الباطن إلا عدم الفساد في نفس الأمر إلى أن يدخل الرابع فيثبت الفساد في نفس الأمر ، فحقيقة القولين لا فساد قبل الرابع بل موقوف ، ولا يتحقق الخلاف إلا أن يكون الفرض أن الفساد ثابت على وجه شرعا بإسقاطه خيار الرابع قبل مجيئه ، وهذا هو ظاهر الهداية حيث قال : ينعقد فاسدا ثم يرتفع الفساد بحذف الشرط . وقوله وهذا على الوجه الأول : يعني قوله أسقط المفسد قبل تقرره وهو كالقلب ، فإن التعليل هو الذي ينبني على الأصل لا أن أصل القاعدة ينبني على التعليل . والجواب عن المسائل المقيس عليها لزفر أن الفساد فيها في صلب العقد ; لأنه بسبب المبيع وهو البدل فلم يمكن رفعه وهنا في شرطه ، وكما ينقلب العقد جائزا إذا أسقط الخيار قبل مضي الثلاث كذلك لو أعتق العبد أو مات العبد أو المشتري أو أحدث به ما يوجب لزوم البيع ينقلب جائزا في قول أبي حنيفة ويلزمه الثمن .

التالي السابق


الخدمات العلمية