صفحة جزء
قال ( وخيار البائع يمنع خروج المبيع عن ملكه ) ; لأن تمام هذا السبب بالمراضاة ولا يتم مع الخيار ولهذا ينفذ عتقه .

[ ص: 306 ] ولا يملك المشتري التصرف فيه وإن قبضه بإذن البائع ( ولو قبضه المشتري وهلك في يده في مدة الخيار ضمنه بالقيمة ) ; لأن البيع ينفسخ بالهلاك ; لأنه كان موقوفا ، ولا نفاذ بدون المحل فبقي مقبوضا في يده على سوم الشراء وفيه القيمة ، ولو هلك في يد البائع انفسخ البيع ولا شيء على المشتري اعتبارا بالبيع الصحيح المطلق .


( قوله وخيار البائع يمنع خروج المبيع عن ملكه ; لأن تمام هذا السبب ) الذي هو البيع ( بالمراضاة ) لما عرف من قوله تعالى { إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } ( ولا يتم ) الرضا ( مع الخيار ) ; لأنه يفيد عدم الرضا بزوال ملكه فلم يتم السبب في حق البائع ; لأنه لا يعمل إلا مع وجود الشرط وهو الرضا فلا يوجب حكمه في حقه فلا يخرج المبيع عن ملكه ; فلهذا جاز تصرفه فيه فنفذ عتقه فيه ولو كان في يد المشتري ولا يملك المشتري التصرف فيه وإن قبضه بإذن البائع لبقاء ملك البائع فيه بلا اختلال ، وبالتعليل المذكور يعرف أن [ ص: 306 ] خيار المشتري يمنع خروج الثمن عن ملكه لاتحاد نسبته إلى كل من له الخيار ، وأنه إذا كان الخيار لهما لا يخرج المبيع عن ملك البائع ولا الثمن عن ملك المشتري ; ولو قبض المشتري المبيع وكان الخيار للبائع ( فهلك في يده في مدة الخيار ضمنه بالقيمة ; لأن البيع ينفسخ بالهلاك ; لأنه كان موقوفا ) في حق المبيع ، ولا يمكن نفاذه بالهلاك ; لأنه ( لا نفاذ بلا محل فبقي ) في يد المشتري ( مقبوضا ) لا على وجه الأمانة المحضة كالوديعة والإعارة كما نقل عن ابن أبي ليلى رحمه الله أنه لم يضمنه ; لأنه ما رضي البائع بقبضه إلا على جهة العقد فأقل ما فيه أن يكون كالمقبوض ( على سوم الشراء ، وفي ) المقبوض على ( سوم الشراء القيمة ) إذا هلك وهو قيمي والمثل في المثلي إذا كان القبض بعد تسمية الثمن ، أما إذا لم يسم ثمن فلا ضمان في الصحيح .

وعليه فرع ما ذكره الفقيه أبو الليث في العيون : في رجل أخذ ثوبا فقال اذهب به فإن رضيته اشتريته فضاع في يده لم يلزمه شيء ، وإن قال إن رضيته اشتريته بعشرة كان ضامنا للقيمة ، وبثبوت الضمان بالقيمة على المشتري في هذا البيع قال مالك والشافعي في المشهور ; وعندهم وجه في ضمانه بالثمن ، وهو قياس قول أحمد ; لأنه قال يخرج المبيع عن ملك البائع بثبوت الخيار له ; لأن السبب قد تم بالإيجاب والقبول ، وثبوت الخيار ثبوت حق الفسخ ، وليس من ضرورة ثبوت حق الفسخ انتفاء حق الملك كخيار العيب . قلنا : قولك تم البيع بالإيجاب والقبول إن أردت في حق حكمه منعناه أو تمت صورته فمسلم ، ولا يفيد في ثبوت حكمه حتى يوجد شرط عمله وهو تمام الرضا على ما ذكرنا ، وتقييد المصنف الهلاك بكونه في مدة الخيار ليخرج ما إذا هلك بعدها ، وأنه حينئذ يضمن بالثمن ; لأنه هلك بعدما انبرم البيع لعدم فسخ البائع في المدة ( ولو هلك ) المبيع ( في يد البائع ) والحال أن الخيار له لا إشكال في أنه ينفسخ ( ولا شيء على المشتري اعتبارا بالبيع الصحيح المطلق ) عن شرط الخيار فإن فيه : إذا هلك المبيع في يد البائع قبل التسليم انفسخ البيع ، والتقييد بالصحيح ليس لإخراج الفاسد ; لأن الحال في البيع الفاسد كذلك أعني الانفساخ بهلاك المبيع في يد البائع ، بل ; لأن الاعتبار الأصالة والفاسد يأخذ حكمه منه .

التالي السابق


الخدمات العلمية