صفحة جزء
[ ص: 359 ] قال ( والجنون في الصغر عيب أبدا ) ومعناه : إذا جن في الصغر في يد البائع ثم عاوده في يد المشتري فيه أو في الكبر يرده ; لأنه عين الأول ، إذ السبب في الحالين متحد وهو فساد الباطن ، وليس معناه أنه لا يشترط المعاودة في يد المشتري ; لأن الله تعالى قادر على إزالته وإن كان قلما يزول فلا بد من المعاودة للرد . .


( قوله والجنون عيب أبدا ) هذا لفظ محمد رحمه الله ، فلو جن في الصغر في يد البائع ثم عاوده في يد المشتري في الصغر أو في الكبر يرده ; لأنه عين الأول ; لأن السبب للجنون في حال الصغر والكبر متحد ( وهو فساد الباطن ) أي باطن الدماغ ، فهذا معنى لفظ أبدا المذكور في لفظ محمد ( وليس معناه أنه لا يشترط المعاودة ) للجنون ( في يد المشتري ) كما ذهب إليه طائفة من المشايخ ، فأثبتوا حق الرد بمجرد وجود الجنون عند البائع وإن لم يجن عند المشتري فهذا غلط ( لأن الله تعالى قادر على إزالته ) أي إزالة سببه ( وإن كان قلما يزول ) وقد حققنا كثيرا من النساء والرجال جنوا ثم عوفوا بالمداواة ، فإن لم يعاوده جاز كون البيع صدر بعد إزالة الله سبحانه وتعالى هذا الداء وزوال العيب فلا يرد بلا تحقق قيام العيب ( فلا بد من معاودة الجنون بالرد ) وهذا هو الصحيح ، وهو المذكور في الأصل والجامع الكبير ، واختاره الإسبيجابي .

قال محمد بعد قوله إذا جن مرة واحدة فهو عيب لازم أبدا بأسطر ، وإن طعن المشتري بإباق أو جنون ولا يعلم القاضي ذلك فإنه لا يستحلف البائع حتى يشهد شاهدان أنه قد أبق عند المشتري أو جن ، وصرح باشتراط المعاودة في الجنون ، وهذا بخلاف ما إذا ولدت الجارية عند البائع لا من البائع ، أو عند آخر فإنها ترد على رواية كتاب المضاربة وهو الصحيح ، وإن لم تلد ثانيا عند المشتري ; لأن الولادة عيب لازم ; لأن الضعف الذي حصل بالولادة لا يزول أبدا وعليه الفتوى . وفي رواية كتاب البيوع : [ ص: 360 ] لا ترد .

وفي المحيط : تكلموا في مقدار الجنون ، قيل هو عيب وإن كان ساعة . وقيل إن كان أكثر من يوم وليلة فهو عيب ، ويوم وليلة فما دونه ليس بعيب ، وقيل المطبق عيب وما ليس بمطبق ليس بعيب .

والسرقة وإن كانت أقل من عشرة عيب . وقيل ما دون الدرهم نحو فلس أو فلسين ونحوه ليس عيبا ، والعيب في السرقة لا فرق فيه بين كونه من المولى أو من غيره إلا في المأكولات ، فإن سرقتها لأجل الأكل من المولى ليست عيبا ومن غيره عيب ، وسرقتها للبيع من المولى وغيره عيب ، ونقب البيت عيب وإن لم يسرق منه ، وإباق ما دون السفر عيب بلا خلاف . واختلفوا في أنه هل يشترط خروجه من البلد ؟ فقيل شرط ، فلو أبق من محلة إلى محلة لا يكون عيبا ، ومن القرية إلى مصر إباق وكذا على العكس .

ولو أبق من غاصبه إلى المولى فليس بعيب ، ولو أبق منه ولم يرجع إلى المولى ولا إلى الغاصب ، فإن كان يعرف منزل مولاه ويقوى على الرجوع إليه فهو عيب ، وإن لم يعرفه أو لا يقدر فلا .

التالي السابق


الخدمات العلمية