صفحة جزء
[ ص: 363 - 365 ] ( قال : وإذا حدث عند المشتري عيب فاطلع على عيب كان عند البائع فله أن يرجع بالنقصان ولا يرد المبيع ) ; لأن في الرد إضرارا بالبائع ; لأنه خرج عن ملكه سالما ، ويعود معيبا فامتنع ، ولا بد من دفع الضرر عنه فتعين الرجوع بالنقصان إلا أن يرضى البائع أن يأخذه بعيبه ; لأنه رضي بالضرر . .


( قوله وإذا حدث عند المشتري عيب ) بآفة سماوية أو غيرها ثم اطلع على عيب كان عند البائع فله أن يرجع بنقصان العيب وليس له أن يرد المبيع ; ( لأن الرد إضرار بالبائع ; لأنه خرج عن ملكه سالما ) فلو ألزمناه به معيبا تضرر ( ولا بد من دفع الضرر عن المشتري فتعين الرجوع بالنقصان إلا أن يرضى البائع أن يأخذه بعيبه ) الحادث عند المشتري فله ذلك ( لأنه رضي بالضرر ) وما كان عدم إلزامه المبيع إلا لدفع الضرر عنه ، فإذا رضي فقد أسقط حقه ، اللهم إلا أن يمتنع أخذه إياه لحق الشرع بأن كان [ ص: 366 ] المبيع عصيرا فتخمر عند المشتري ، ثم اطلع على عيب فإنه لو أراد البائع أن يأخذه بعيبه لا يمكن من ذلك لما فيه من تمليك الخمر وتمليكها ومنعهما من ذلك حق الشرع فلا يسقط بتراضيهما على إهداره ، كما لو تراضيا على بيع الخمر وشرائها .

فإن قيل : ينبغي أن يرجح جانب المشتري فيرجع بالنقصان ويرد المبيع ; لأن البائع دلس عليه فكان مغرورا من جهته ، أجيب بأن المعصية الصادرة عنه لا تمنع عصمة ماله ، كالغاصب إذا عمل في الثوب المغصوب الخياطة أو الصبغ بالحمرة ; لأن الظالم لا يظلم ، والضرر عن المشتري يندفع بإثبات حق الرجوع بحصة العيب ، فإن قيل : فقد تقدم أن الأوصاف لا حصة لها من الثمن بانفرادها ، أجيب بأنها اعتبرت أصولا ضرورة جبر حق المشتري وإلا يهدر كما صيرت أصولا بالقصد من إتلافهما ، وكل ما رجع بالنقصان فمعناه أن يقوم العبد بلا عيب ثم يقوم مع العيب وينظر إلى التفاوت ، فإن كان مقدار عشر القيمة رجع بعشر الثمن ، وإن كان أقل أو أكثر فعلى هذا الطريق ، ثم الرجوع بالنقصان إذا لم يمتنع الرد بفعل مضمون من جهة المشتري ، أما إذا كان بفعل من جهته كذلك كأن قتل المبيع أو باعه أو وهبه وسلمه أو أعتقه على مال أو كاتبه ثم اطلع على عيب فليس له حق الرجوع بالنقصان ، وكذا إذا قتل عند المشتري خطأ لما وصل البدل إليه صار كأنه ملكه من القاتل بالبدل ، فكان كما لو باعه ثم اطلع على عيب لم يكن له حق الرجوع ، ولو امتنع الرد بفعل غير مضمون له أن يرجع بالنقصان ولا يرد المبيع .

[ فرع ]

لا يرجع بالنقصان إذا أبق العبد ما دام حيا عند أبي حنيفة ، وبه قال الشافعي : لأن الرد موهوم فلا يصار خلفه وهو الرجوع بالنقصان إلا عند الإياس من الأصل : وعند أبي يوسف يرجع لتحقق العجز في الحال والرد موهوم

التالي السابق


الخدمات العلمية