صفحة جزء
[ ص: 408 ] قال ( وإن ماتت أم الولد أو المدبر في يد المشتري فلا ضمان عليه عند أبي حنيفة ، وقالا : عليه قيمتهما ) وهو رواية عنه لهما أنه مقبوض بجهة البيع فيكون مضمونا عليه كسائر الأموال ، وهذا لأن المدبر وأم الولد يدخلان تحت البيع حتى يملك ما يضم إليهما في البيع ، بخلاف المكاتب لأنه في يد نفسه فلا يتحقق في حقه القبض وهذا الضمان به [ ص: 409 ] وله أن جهة البيع إنما تلحق بحقيقة في محل يقبل الحقيقة وهما لا يقبلان حقيقة البيع فصارا كالمكاتب ، وليس دخولهما في البيع في حق أنفسهما ، وإنما ذلك ليثبت حكم البيع فيما ضم إليهما فصار كمال المشتري لا يدخل في حكم عقده بانفراده ، وإنما يثبت حكم الدخول فيما ضمه إليه ، كذا هذا .


( قوله : وإن ماتت أم الولد أو المدبر في يد المشتري فلا ضمان عليه عند أبي حنيفة ، وقالا : عليه قيمتهما للبائع وقولهما ) هذا ( رواية عنه ) وفي النهاية أن الروايتين عنه في المدبر ، أما أم الولد فباتفاق الروايات عنه لا يضمن المشتري ولا الغاصب قيمتها إذ لا تقوم لأم الولد عنده ، وإنما تضمن بما يضمن الصبي الحر إذا غصب . ومعناه أنه إذا نقلها إلى أرض مسبعة أو كثيرة الحيات فماتت بنهش حية أو افتراس سبع فيها الدية على عاقلة الغاصب كما هو في غصب الصبي بشرطه ، أما المدبر فيضمن في البيع والغصب على روايتهما هذه ( لهما ) في ضمان المدبر وأم الولد ( أنهما مقبوضان بجهة البيع فيكونان مضمونين عليه ) بالقبض ( كسائر الأموال ) المقبوضة على سوم الشراء ( وهذا ) أي كونهما مقبوضين بجهة البيع بسبب أنهما يدخلان تحت البيع حتى يملك ما يضم إليهما مما يصح تملكه وتمليكه ، وإذا قبض بعد لفظ العقد عليه وهو فيما يصح أن يباع في الجملة على ما ذكرناه من قريب فهو مقبوض بجهة البيع ( بخلاف المكاتب ; لأنه في يد نفسه ) ; لأنه حر يدا فلا يضمن بقبضه على إحدى الروايتين : أعني التي تبطل بيعه ، وإن دخل تحت البيع إذا ضم إليه القن فلا يتحقق في حقه القبض ( وهذا الضمان بالقبض ) وقد يجعل المشار اليد بقوله وهذا كونهما مضمونين بالقبض وما صرنا إليه أحسن إن شاء الله تعالى ; لأن المذكور بعده تعليل للمشار إليه ، وكونهما مضمونين بالقبض يصح تعليله بما قبله من كونهما مقبوضين بجهة البيع فيناسب كون التعليل لما لم يعلل إذا صلح له وهو صالح ، بل انصبابه ليس إلا عليه ، فإنه دعوى أنه مقبوض بجهة البيع ببيان أنه يدخل تحت البيع . وأما كونه مقبوضا فبفرض وقوعه حسا ، وأما تفسير المقبوض بجهة البيع بأنه المقبوض ليشتري بعد القبض إن وافقه ، فلو صح لزم أن لا يضمنا ; لأنهما لم يقبضا ليشتريا بعد القبض إن وافقا بل قبضا بعد الموافقة وإتمام البيع بزعمهما ، فالمذكور تفسير المقبوض على سوم الشراء فلا يكونان مقبوضين بجهة البيع فلا يضمنان ، فالحق أن المقبوض أعم [ ص: 409 ] من ذلك وهو من ماصدقات المقبوض بجهة البيع ، فالمقبوض بجهة البيع يصدق على المقبوض في البيع الصحيح والفاسد والباطل وعلى سوم الشراء ، وذلك التفسير يخص المقبوض على سوم الشراء ، وما نحن فيه ليس مقبوضا على سوم الشراء وإلا صار الأصل عين الفرع ، فالمقبوض على سوم الشراء هو الأصل فيما نحن فيه ، والمقبوض بالعقد الباطل هو الفرع الملحق ( وله أن جهة البيع إنما تلحق بحقيقة البيع فيما يقبل حقيقته ) أي حقيقة حكمه وهو الملك ; لأن ضمان القيمة في البيع إنما هو مقابل بملك المبيع فلا بد من اعتبار جهة البيع ، ولا ملك متصور هنا مع اعتبار جهته فبقي مجرد قبض بإذن المالك ، فلو أوجبناها كان عدوانا محضا ، بخلاف ضمان الغصب في المدبر عنده فإنه لا يستدعي ذلك الاعتبار فكان بمجرد القبض بغير إذن المالك ، وهنا الإذن موجود ودخولهما في البيع ليس إلا ليثبت حكمه فيما ضم إليهما فقط مع انتفاء المانع وهو عدم الصلاحية لما ذكرنا من ثبوتها من قريب ( فصار كمال المشتري لا يدخل في حكم عقده بانفراده ) ويدخل إذا ضم البائع إليه مال نفسه وباعهما له صفقة واحدة حيث يجوز البيع في المضموم بالحصة من الثمن المسمى على الأصح وإن كان قد قيل : إنه لا يصح أصلا في شيء ، وإذا قسم الثمن على قيمتي المضموم وأم الولد والمدبر فاعلم أن قيمة أم الولد ثلث قيمتها قنة ، وقيمة المدبر ثلثا قيمته قنا ، وقيل نصفها وبه يفتى ، وتقدم ذلك في العتاق

التالي السابق


الخدمات العلمية