فليست بسنهاء ولا رجبية ولكن عرايا في السنين الحوائج
أي أنهم كانوا يعرون في السنين الجوائح : أي يهبون ولو كانت كما قال ما كانوا ممدوحين بها إذ كانوا يعطون كما يعطون . والحق أن قول مالك قول أبي حنيفة هكذا حكاه عنه محققو مذهبه ، واستدل عليه بأن العرية مشهورة بين أهل المدينة متداولة بينهم كذلك ، ثم على قولهم تكون العرية معناها النخلة ولا يعرف ذلك في اللغة ، وتخصيص ما دون خمسة أوسق ; لأنهم كانوا يعرون هذا المقدار وما قرب منه ومعنى الرخصة هو رخصة أن يخرج من إخلاف الوعد الذي هو ثلث النفاق إعطاء هذا التمر خرصا وهو غير الموعود دفعا للضر عنه . وكون إخلاف الوعد ثلث النفاق نقل عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه حين حضرته الوفاة قال زوجوا بنتي من فلان ، فإنه كان سبق إليه مني شبه الوعد فلا ألقى الله بثلث النفاق وجعله ثلثا لحديث عنه صلى الله عليه وسلم { علامة المنافق ثلاث : إن حدث كذب ، وإن وعد أخلف ، وإن اؤتمن خان } وأما ما ذكر من تأويل العرية الإمام موفق الدين روى محمود بن لبيد قال : { قلت لزيد بن ثابت : ما عراياكم هذه ؟ فسمى رجالا محتاجين من الأنصار شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الرطب يأتي ولا نقد بأيديهم يبتاعون به رطبا يأكلونه وعندهم فضول من التمر ، فرخص لهم أن يبتاعوا العرية بخرصها من التمر فيأكلونه رطبا } وقال : متفق عليه فقد وهم في ذلك ، فإن هذا ليس في الصحيحين بل ولا في السنن ولا في شيء من الكتب المشهورة . قال الإمام الزيلعي مخرج الحديث : ولم أجد له سنا بعد الفحص البالغ ، ولكن الشافعي ذكره في كتابه في باب العرايا من غير إسناد