صفحة جزء
[ ص: 55 ] وإذا أجاز المالك كان الثمن مملوكا له أمانة في يده بمنزلة الوكيل ، لأن الإجازة اللاحقة بمنزلة الوكالة السابقة ، وللفضولي أن يفسخ قبل الإجازة دفعا للحقوق عن نفسه ، بخلاف الفضولي في النكاح لأنه معبر محض ، هذا إذا كان الثمن دينا ، فإن كان عرضا معينا إنما تصح الإجازة إذا كان العرض باقيا أيضا . ثم الإجازة إجازة نقد لا إجازة عقد حتى يكون العرض الثمن مملوكا للفضولي ، وعليه مثل المبيع إن كان مثليا أو قيمته إن لم يكن مثليا ، لأنه شراء من وجه والشراء لا يتوقف على الإجازة .


( وإذا أجاز المالك صار ) المبيع ملكا للمشتري ( والثمن مملوكا له أمانة في يده ) أي في يد الفضولي ، فلو هلك لا يضمنه ( كالوكيل فإن الإجازة اللاحقة بمنزلة الوكالة السابقة ) من حيث إنه بها صار تصرفه نافذا وإن لم يكن من كل وجه فإن المشتري من المشتري إذا أجاز المالك لا ينفذ بل يبطل ، بخلاف الوكيل ، وهذا بسبب أن الملك البات إذا طرأ على الموقوف وهو ملك المشتري من الفضولي يبطل الموقوف ، ولهذا لو تزوجت أمة وطئها مولاها بغير إذنه فمات قبل الإجازة توقف النكاح إلى إجازة الوارث لأنه لم يطرأ ملك بات للوارث في البضع ليبطل ، وهذا يوجب تقييد الوارث بكونه من الولاد ، بخلاف نحو ابن العم ( وللفضولي ) أي في البيع ( أن يفسخ قبل إجازة المالك ) حتى لو أجازه لا ينفذ لزوال العقد الموقوف ، وإنما كان له ذلك ( ليدفع الحقوق عن نفسه ) فإنه بعد الإجازة يصير كالوكيل فترجع حقوق العقد إليه فيطالب بالتسليم ويخاصم في العيب وفي ذلك ضرر به فله دفعه عن نفسه قبل ثبوته عليه ( بخلاف الفضولي في النكاح ) ليس له أن يفسخ بالقول ولا بالفعل ( لأنه معبر محض ) أي كناقل عبارة ، فبالإجازة تنتقل العبارة إلى المالك فتصير الحقوق منوطة به لا بالفضولي فلا يلزمه بالإجازة ضرر تعلق الحقوق .

وقد ثبت للمالك والولي حق أن يجيز ، وكذا بالفعل كأن زوج امرأة برضاها من غائب فقبل أن يجيز زوجه أختها توقف العقد الثاني أيضا ، بخلاف ما لو وكله بعد عقده فضولا أن يزوجه امرأة فزوجه أختها فإن العقد الأول يبطل لطروء البات على الموقوف ( هذا ) الذي ذكرناه فيما ( إذا كان الثمن دينا ، فإن كان عينا ) بأن باع الفضولي ملك غيره بعرض معين بيع مقايضة اشترط قيام الأربعة المذكورة وخامس وهو ذلك الثمن العرض .

وإذا أجاز مالك المبيع والثمن عرض فالفضولي يكون ببيع مال الغير مشتريا بالعرض من وجه ، والشراء لا يتوقف إذا وجد نفاذا فينفذ على الفضولي فيصير مالكا للعرض ، والذي تفيده الإجازة أنه أجاز للفضولي أن ينقد ثمن ما اشتراه من ذلك العرض من ماله كأنه قال اشتر هذا العرض لنفسك وانقد ثمنه من مالي هذا قرضا عليك ، فإن كان مثليا فعليه مثله ، وإن كان قيميا كثوب أو جارية فقيمته ، فيصير مستقرضا للجارية أو الثوب ، والقرض وإن لم يجز في القيميات لكن ذلك إذا كان [ ص: 56 ] قصدا ، وهنا إنما يثبت ضمنا مقتضى لصحة الشراء فيراعى فيه شرائط صحة المقتضى وهو الشراء لا غير ، كالكفيل بالمسلم فيه إذا أداه من مال نفسه يصير مقرضا حتى يرجع بقيمته إن كان ثوبا لأن الثوب مثلي في باب السلم ، فكذا فيما جعل تبعا له .

فكذا هنا إذ لا صحة لشراء العبد إلا بقرض الجارية ، والشراء مشروع فما في ضمنه يكون مشروعا ، هذا وإنما ينفذ الشراء على المشتري إذا لم يضفه إلى آخر ووجد الشراء النفاذ عليه ولم يسبق بتوكيل للمشتري من آخر ، فأما إن كان كذلك فالشراء يتوقف وفي الوكالة ينفذ على الموكل .

فإنه ذكر في شرح الطحاوي : ولو اشترى رجل لرجل شيئا بغير أمره كان ما اشتراه لنفسه أجاز الذي اشتراه له أو لم يجز ، أما إذا أضافه إلى آخر بأن قال للبائع بع عبدك من فلان بكذا فقال بعت وقبل المشتري هذا البيع لفلان فإنه يتوقف .

التالي السابق


الخدمات العلمية