صفحة جزء
[ ص: 83 ] قال ( ويجوز السلم في السمك المالح وزنا معلوما وضربا معلوما ) لأنه معلوم القدر مضبوط الوصف مقدور التسليم إذ هو غير منقطع ( ولا يجوز السلم فيه عددا ) للتفاوت . قال ( ولا خير في السلم في السمك الطري إلا في حينه وزنا معلوما وضربا معلوما ) لأنه ينقطع في زمان الشتاء ، حتى لو كان في بلد لا ينقطع يجوز مطلقا ، وإنما يجوز وزنا لا عددا لما ذكرنا .

وعن أبي حنيفة رحمه الله أنه لا يجوز في لحم الكبار منها وهي التي تقطع اعتبارا بالسلم في اللحم عند أبي حنيفة .


( قوله ويجوز السلم في السمك المالح وزنا معلوما وضربا معلوما ) بأن يقول بوري أو راي ، وفي أسماك الإسكندرية الشفش والدونيس وغيرها ( لأنه ) حينئذ ( معلوم القدر مضبوط الصفة مقدور التسليم ، ولا يجوز السلم فيه عددا للتفاوت ) في التحفة : وأما الصغار فيجوز فيه كيلا ووزنا سواء فيه الطري والمالح . وفي المغرب : سمك مليح ومملوح وهو المقدد الذي فيه الملح ، ولا يقال مالح إلا في لغة رديئة .

قال بعض الشارحين : لكن قال الشاعر :

بصرية تزوجت بصريا أطعمها المالح والطريا

ثم نقل عن بعض المشايخ وكفى بذلك حجة للفقهاء ، وظاهر هذا الاستدراك أنه ليس برديء ولم يجد سوى هذا البيت وهو لا ينافي قول المغرب إلا في لغة رديئة ، وليس لهذا الاستدراك فائدة ، بل قال ابن دريد ملح ومليح ، ولا يلتفت إلى قول الراجز

أطعمها المالح والطريا

ذاك مولد لا يؤخذ بلغته .

وأما الطري فيجوز حين وجوده وزنا أيضا ، فإذا كان ينقطع في بعض السنة كما قيل إنه ينقطع في الشتاء في بعض البلاد فلا ينعقد في الشتاء .

ولو أسلم في الصيف وجب أن يكون منتهى الأجل لا يبلغ الشتاء ، وهذا معنى قول محمد : لا خير في السلم [ ص: 84 ] في السمك الطري إلا في حينه : يعني أن يكون السلم مع شروطه في حينه كي لا ينقطع بين العقد والحلول ، وإن كان في بلد لا ينقطع جاز مطلقا وزنا لا عددا لما ذكرنا من التفاوت في آحاده .

وعن أبي حنيفة في الكبار التي تقطع كما يقطع اللحم لا يجوز السلم في لحمها اعتبارا بالسلم في اللحم فإنه يمنع السلم في اللحم . وعن أبي يوسف منع السلم في الكبار وزنا مع إجازته في اللحم فإن هناك يمكن إعلام موضع القطع الجنب أو الظهر أو الفخذ ولا يتأتى في السمك ذلك .

وطعن بعضهم على محمد في قوله في حينه لأن الاصطياد يتحقق في كل حين مدفوع ، فإن الانقطاع عدم الوجود في بعض البلاد وفي بعض السنة وهو لا يستلزم عدم الاصطياد ليرد ما ذكره

التالي السابق


الخدمات العلمية