صفحة جزء
( باب ما يفسد الصلاة وما يكره فيها )

( ومن تكلم في صلاته عامدا أو ساهيا بطلت صلاته ) خلافا للشافعي رحمه الله في الخطإ والنسيان ، ومفزعه الحديث المعروف . ولنا قوله عليه الصلاة والسلام { إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ، [ ص: 396 ] وإنما هي التسبيح والتهليل وقراءة القرآن } وما رواه محمول على رفع الإثم . بخلاف السلام ساهيا لأنه من الأذكار فيعتبر ذكرا في حالة النسيان وكلاما في حالة التعمد لما فيه من كاف الخطاب


( باب ما يفسد الصلاة وما يكره فيها )

( قوله ومفزعه الحديث المعروف ) { رفع عن أمتي الخطأ والنسيان } إلخ . الفقهاء يذكرونه بهذا اللفظ ولا يوجد به في شيء من كتب الحديث ، بل { إن الله وضع عن أمتي الخطأ النسيان وما استكرهوا عليه } رواه ابن ماجه وابن حبان والحاكم وقال صحيح على شرطهما ( قوله ولنا قوله صلى الله عليه وسلم إن صلاتنا إلخ ) رواه [ ص: 396 ] مسلم من حديث معاوية بن الحكم السلمي قال { بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقلت له : يرحمك الله ، فرماني القوم بأبصارهم ، فقلت : واثكل أماه ما شأنكم تنظرون إلي ، فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم ، فلما رأيتهم يصمتوني لكني سكت ، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاني فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه ، فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني ثم قال : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن } ا هـ .

وقد أجابوا بأنه لا يصلح دليلا على البطلان ، بل على أنه محظور والحظر لا يستلزم البطلان ، ولذا لم يأمره بالإعادة وإنما علمه أحكام الصلاة .

قلنا إن صح فإنما بين الحظر حالة العمد ، والاتفاق على أنه حظر يرتفع إلى الإفساد ، وما كان مفسدا حالة العمد كان كذلك حالة السهو لعدم المزيل شرعا كالأكل والشرب . وقوله { رفع عن أمتي } أو { إن الله وضع عنهم } من باب المقتضى ولا عموم له ، لأنه ضروري فوجب تقديره على وجه يصح ، والإجماع على أن رفع الإثم مراد فلا يراد غيره وإلا لزم تعميمه وهو في غير محل الضرورة ، ومن اعتبره في الحكم الأعم من حكم الدنيا والآخرة فقد عممه من حيث لا يدري ، إذ قد أثبته في غير محل الضرورة من تصحيح الكلام وصار كما إذا أطال الكلام ساهيا فإنه يقول بالفساد ، فإن الشرع إذا رفع إفساده وجب شمول الصحة .

وإلا فشمول عدمها وكالأكل والشرب ، وإنما عفي القليل من العمل لعدم الاحتراز عنه لأن في الحي حركات من الطبع وليست الصلاة ، فلو اعتبر إفساده مطلقا لزم الحرج في إقامة صحة الصلاة فعفي ما لم يكثر وليس الكلام من طبع الحي ( قوله بخلاف السلام ساهيا ) جواب عن قياس مقدر للشافعي رحمه الله على السلام ساهيا وهو ظاهر من الكتاب .

التالي السابق


الخدمات العلمية