صفحة جزء
قال ( وسنته أن يبدأ المغتسل فيغسل يديه وفرجه ويزيل نجاسة إن كانت على بدنه ، [ ص: 58 ] ثم يتوضأ وضوءه للصلاة إلا رجليه ، ثم يفيض الماء على رأسه وسائر جسده ثلاثا ، ثم ينتحي عن ذلك المكان فيغسل رجليه ) هكذا حكت ميمونة رضي الله عنها اغتسال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما يؤخر غسل رجليه لأنهما في مستنقع الماء المستعمل فلا يفيد الغسل حتى لو كان على لوح لا يؤخر ، وإنما يبدأ بإزالة النجاسة الحقيقية كي لا تزداد بإصابة الماء ( وليس على المرأة أن تنقض ضفائرها في الغسل إذا بلغ الماء أصول [ ص: 59 ] الشعر ) لقوله عليه الصلاة والسلام لأم سلمة رضي الله عنها { أما يكفيك إذا بلغ الماء أصول شعرك } وليس عليها بل ذوائبها هو الصحيح ، بخلاف اللحية لأنه لا حرج في إيصال الماء إلى أثنائها


( قوله وسنته إلخ ) ظاهر ، وهل يمسح رأسه في هذا الوضوء ؟ نعم في الصحيح ، وفي [ ص: 58 ] رواية الحسن لا ، ولم يذكر كيفية الصب ، واختلف فيه فقال الحلواني : يفيض على منكبه الأيمن ثلاثا ثم الأيسر ثلاثا ثم على سائر جسده . وقيل يبدأ بالأيمن ثم بالرأس ثم بالأيسر .

وقيل يبدأ بالرأس ، وهو ظاهر لفظ الكتاب وظاهر حديث ميمونة الذي سيذكر ولو انغمس الجنب في ماء جار إن مكث فيه قدر الوضوء والغسل فقد أكمل السنة وإلا فلا ( قوله هكذا حكت ميمونة ) روى الجماعة عنها قالت { وضعت للنبي صلى الله عليه وسلم ماء يغتسل به ، فأفرغ على يديه فغسلهما مرتين أو ثلاثا ، ثم أفرغ بيمينه على شماله فغسل مذاكيره ، ثم دلك يده بالأرض ، ثم تمضمض واستنشق ، ثم غسل وجهه ويديه ، ثم غسل رأسه ثلاثا ، ثم أفرغ على جسده ، ثم تنحى عن مقامه فغسل قدميه } ( قوله وليس على المرأة أن تنقض ضفائرها ) هذا فرع قيام الضفيرة ، فلو كانت ضفائرها منقوضة فعن الفقيه أبي جعفر يجب إيصال الماء إليه ، وفي وجوب نقض ضفائر الرجل اختلاف الرواية والمشايخ .

[ ص: 59 ] والاحتياط الوجوب ، وثمن ماء غسل المرأة ووضوئها على الرجل وإن كانت غنية ( قوله لقوله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة ) في مسلم وغيره عنها { قلت يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنقضه في غسل الجنابة ، فقال لا إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين } ومقتضى هذا عدم وجوب إيصال الماء إلى الأصول ، وكذا ما فيه من { أنه بلغ عائشة أن عبد الله بن عمرو بن العاص كان يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤسهن فقالت : يا عجبا لابن عمرو يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤسهن أفلا يأمرهن أن يحلقن رؤسهن لقد كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد ، وما أزيد أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات } .

وكذا ما في أبي داود { أنهم استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال أما الرجل فلينشر رأسه فليغسله حتى يبلغ أصول الشعر ، وأما المرأة فلا عليها أن لا تنقضه لتغرف على رأسها ثلاث غرفات بكفيها } وإن كان فيه محمد بن إسماعيل بن عياش عن أبيه . قال في الإمام : ورد ما يدل على أن المرأة تنقض رأسها في الحيض ، وذكر ما في البخاري من حديث عائشة في الحج { أهللت مع رسول صلى الله عليه وسلم الله في حجة الوداع فكنت ممن تمتع ولم يسق الهدي ، فزعمت أنها حاضت ولم تطهر حتى دخلت ليلة عرفة فقالت : يا رسول الله هذه ليلة عرفة وإنما كنت تمتعت بعمرة ، فقال لها صلى الله عليه وسلم : انقضي رأسك وامتشطي وأمسكي عن عمرتك } الحديث .

وروى الدارقطني في الأفراد من حديث مسلم بن صبيح ، حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إذا اغتسلت المرأة من حيضها نقضت شعرها نقضا وغسلته بخطمي وأشنان ، فإذا اغتسلت من الجنابة صبت على رأسها الماء وعصرته } ا هـ ولا أعلم هذا التفصيل في المذهب وأجاب متأخر بما في مسلم من حديث أم سلمة السابق ، فإن فيه في رواية { أفأنقضه للحيضة والجنابة ؟ قال لا } الحديث . وهو أولى بالتقديم من حديث الدارقطني ، وأما حديث عائشة فإن ذلك الغسل كان للتنظيف لأجل الوقوف لا للتطهير من حدث الحيض لأنها كانت حائضا ، هذا وأورد أن حديث أم سلمة معارض للكتاب . وأجيب تارة بالمنع ، فإن مؤدى الكتاب غسل البدن ، والشعر ليس منه بل متصل به نظرا إلى أصوله ، فعملنا بمقتضى الاتصال في حق الرجال وبمقتضى الانفصال في النساء دفعا للحرج إذ لا يمكنهن حلقه ، وتارة بأنه خص من الآية مواضع الضرورة كداخل العينين فيخص بالحديث بعده ( قوله هو الصحيح ) احتراز عن قول بعضهم يجب [ ص: 60 ] بلها ثلاثا مع كل بلة عصرة .

وفي صلاة البقالي الصحيح أنه يجب غسل الذوائب وإن جاوزت القدمين ، وفي مبسوط بكر في وجوب إيصال الماء إلى شعب عقاصها اختلاف المشايخ ا هـ .

والأصح نفيه للحصر المذكور في الحديث

التالي السابق


الخدمات العلمية