صفحة جزء
[ ص: 252 ] قال ( ولا تصح ولاية القاضي حتى يجتمع في المولى شرائط الشهادة ويكون من أهل الاجتهاد ) أما الأول فلأن حكم القضاء يستقى من حكم الشهادة [ ص: 253 ] لأن كل واحد منهما من باب الولاية ، فكل من كان أهلا للشهادة يكون أهلا للقضاء وما يشترط لأهلية الشهادة يشترط لأهلية القضاء .


( قوله لا تصح ولاية القاضي حتى يجتمع في المولى شرائط الشهادة ويكون من أهل الاجتهاد ) هذا لفظ القدوري . وذكر المولى على لفظ المفعول للإشعار بأنه ألقى عليه الفعل من غير طلب له منه كما هو الأولى ( أما الأول ) وهو أنه لا بد أن يكون من أهل الشهادة ( فلأن حكم القضاء يستقى من حكم الشهادة ) يعني : كل من القضاء والشهادة [ ص: 253 ] يستمد من سر واحد هو شروط الشهادة من الإسلام والبلوغ والعقل والحرية وكونه غير أعمى ولا محدودا في قذف ، والكمال فيه أن يكون عدلا عفيفا عالما بالسنة وبطريق من كان قبله من القضاة .

[ فرع ]

قلد عبد فعتق جاز أن يقضي بتلك الولاية من غير حاجة إلى تجديد ، كما لو تحمل الشهادة حال الرق ثم عتق ، كذا في الخلاصة في أول كتاب القضاء . وذكر بعد ورقة : لو قلد قضاء مصر لصبي فأدرك ليس له أن يقضي بذلك الأمر ، ولو قلد كافر القضاء فأسلم قال محمد : هو على قضائه ، ولا يحتاج إلى تولية ثانية فصار الكافر كالعبد . والفرق أن كلا منهما له ولاية وبه مانع ، وبالعتق والإسلام يرتفع ، أما الصبي فلا ولاية له أصلا . وما في الفصول : لو قال لصبي أو كافر إذا أدركت فصل بالناس أو اقض بينهم جاز لا يخالف ما ذكر في الصبي ، لأن هذا تعليق الولاية والمعلق معدوم قبل الشرط ، وما تقدم تنجيز ، وإذا لم تصح ولاية الصبي قاضيا لا يصح سلطانا ، فما في زماننا من تولية ابن صغير للسلطان إذا مات فقد سأله في فتاوى النسفي وصرح بعدم ولايته وقال : ينبغي أن يكون الاتفاق على وال عظيم يصير سلطانا ، وتقليد القضاء منه غير أنه يعد نفسه تبعا لابن السلطان تعظيما وهو السلطان في الحقيقة انتهى . ومقتضى هذا أنه يحتاج إلى تجديد بعد بلوغه ، وهذا لا يكون إلا إن عزل ذلك الوالي العظيم نفسه من السلطنة ، وذلك أن السلطان لا ينعزل إلا بعزله نفسه وهذا غير واقع . وأما الذكورة فليست بشرط إلا للقضاء في الحدود والدماء فتقضي المرأة في كل شيء إلا فيهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية