( قوله ولا يقبل الكتاب ) أي لا يقبل المكتوب إليه الكتاب ( إلا بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين ) على أنه كتاب القاضي فلان الكاتب وأنه ختمه وأن [ ص: 291 ] فيه كذا وكذا ، ولا بد من إسلامهما فلا تقبل شهادة الذميين على كتاب القاضي المسلمين ، ولو كان الكتاب لذمي على ذمي لأنهم يشهدون على فعل المسلم ، وهذا لأن قبول شهادة بعضهم على بعض كان للحاجة والضرورة إذ قلما يحضر المسلمون معاملاتهم خصوصا الأنكحة والوصايا ، وهذا لا يتحقق في كتاب القاضي وختمه ، ولم يشرط الشعبي الشهادة عليه ، وكذا الحسن أسند الخصاف إلى عمرو بن أبي زائدة أو عمير قال : جئت بكتاب من قاضي الكوفة إلى nindex.php?page=showalam&ids=12444إياس بن معاوية فجئت وقد عزل واستقضي الحسن فدفعت كتابي إليه فقبله ولم يسألني البينة عليه ففتحه ثم نشره فوجد لي فيه شهادة شاهدين على رجل من أهل البصرة بخمسمائة ، فقال لرجل يقوم على رأسه اذهب بهذا الكتاب إلى زيادة فقل له أرسل إلى فلان فخذ منه خمسمائة درهم فادفعها إلى هذا وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور والإصطخري من الشافعية nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف في رواية ، فالشرط عندهم أن يكون المكتوب إليه يعرف خط القاضي الكاتب وختمه قياسا على كتاب الاستئمان ، وعلى رسول القاضي إلى المزكي ورسول المزكي إلى القاضي .
قلنا : الفرق أن هذا نقل ملزم ، إذ يجب على القاضي المكتوب إليه أن ينظر فيه ويعمل به ، ولا بد للملزم من الحجة وهي البينة ، بخلاف كتاب أهل الحرب فإنه ليس ملزما إذ للإمام أن يعطيهم ما طلبوه ، وله أن لا . وأما الرسول فلأن التزكية ليست ملزمة ، وإنما الملزم هو البينة .
فإن قلت : فكيف عمل الحسن بالكتاب وهو لم يكتب إلا إلى قاض آخر غيره ؟ فالجواب يجوز أن يكون قال إلى إياس القاضي بالبصرة وإلى كل قاض يراه من قضاة المسلمين ، فإنه إذا كتب كذلك كان لكل قاض رفع إليه أن يعمل به بلا خلاف ، بخلاف ما لو كتب من الأول إلى من يبلغه كتابي هذا من قضاة المسلمين فإنه لا يجوز العمل به لأحد من القضاة ، وأجازه nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف أيضا قال في الخلاصة : وعليه عمل الناس اليوم . [ ص: 292 ]
وفي الاستحسان : يجوز للأمير أن يمضيه لأنه متعارف ولا يليق بالقاضي أن يأتي في كل حادثة إلى الأمير ليخبره ، ولأنه لو أرسل إليه بذلك رسولا ثقة كان عبارة رسوله كعبارته في جواز العمل به ، فكذا إذا أرسل كتابه ولم يجر الرسم في مثله من مصر إلى مصر فشرطنا هناك شرط كتاب القاضي إلى القاضي .