صفحة جزء
( وليس للقاضي أن يستخلف على القضاء إلا أن يفوض إليه ذلك ) لأنه قلد القضاء دون التقليد به فصار كتوكيل الوكيل ، بخلاف المأمور بإقامة الجمعة حيث يستخلف لأنه على شرف الفوات لتوقته فكان الأمر به إذنا بالاستخلاف دلالة [ ص: 299 ] ولا كذلك القضاء . ولو قضى الثاني بمحضر من الأول أو قضى الثاني فأجاز الأول جاز كما في الوكالة ، وهذا لأنه حضره رأي الأول وهو الشرط ، وإذا فوض إليه يملكه فيصير الثاني نائبا عن الأصيل حتى لا يملك الأول عزله إلا إذا فوض إليه العزل هو الصحيح . .


( قوله وليس للقاضي أن يستخلف على القضاء ) في صحة ولا مرض ( إلا أن يفوض ذلك إليه ) فيملكه كما أنه إذا صرح فيه بالمنع يمتنع منه وهذا ( لأنه قلد القضاء دون التقليد به فصار كالوكيل ) ليس له أن يوكل ( بخلاف المأمور بإقامة الجمعة حيث ) جاز له أن ( يستخلف ) لأنه لتوقته بحيث لو عرض في وقته ما يمنعه كان لا إلى خلف ، ومعلوم أن الإنسان غرض للأعراض [ ص: 299 ] فكان المولى له آذنا في استخلافه دلالة بشرط أن يكون المستخلف سمع الخطبة ، أما إذا لم يكن سمعها فلا لأنها من شرائط افتتاح الجمعة ، بخلاف ما لو سبقه الحدث فاستخلف من لم يشهد الخطبة حيث يجوز لأن المأمور هناك بان وليس بمفتتح ، والخطبة شرط الافتتاح وقد وجد في حق الأصل ، ولذا لو أفسدها هذا الخليفة واستفتح يجوز وإن لم يشهد الخطبة لأن شروعه فيها صحيح ، وبهذا الشروع التحق بمن شهد الخطبة حكما ، وبخلاف المستعير فإن له أن يعير بشرطه لأنه يملك المنافع لنفسه فكان له تمليكها ، بخلاف ولاية القضاء فإنما هي إذن في أن يعمل لغيره ، وهذا ما قالوا : من قام مقام غيره لغيره لا يكون له إقامة غيره مقام نفسه ، ومن قام مقام غيره لنفسه كان له ، وبخلاف الوصي يملك الإيصاء والتوكيل بطريق الدلالة أيضا لأن ثبوتها بعد الموت ، وربما يعجز الوصي عن المباشرة بنفسه والموصي قد مات فلا يمكن رجعه إلى رأيه فتضمن الإيصاء الإذن بالاستخلاف .

وقوله ( ولو قضى الثاني بمحضر من الأول أو قضى ) بغيبته فبلغه ( فأجاز جاز كما في الوكالة ) إذا وكل الوكيل غيره فتصرف بحضرته أو بغيبته فأجازه نفذ ( لأنه حضره رأي الأول وهو الشرط ) فإنه المقصود بتوكيله ، وتحقيق حاله أنه فضولي ابتداء وكيل انتهاء ، ولا يمتنع إذ قد يجوز في الانتهاء والبقاء ما لا يجوز في الابتداء خصوصا وقد فرض زوال المانع من الصحة في الابتداء أو هو كونه ليس مما حضره رأيه ( وإذا فوض إليه ) الاستخلاف ( يملكه فيصير الثاني نائبا عن الأصيل ) يعني السلطان ( حتى لا يملك الأول عزله ) إلا إذا كان المقلد قال له ول من شئت واستبدل من شئت فحينئذ يملك عزله ، أو قال جعلتك قاضي القضاة فإن قاضي القضاة هو الذي يتصرف فيهم مطلقا تقليدا وعزلا ، [ ص: 300 ] وفيه خلاف الشافعي وأحمد .

التالي السابق


الخدمات العلمية