صفحة جزء
قال ( وإن شهدا ببيع شيء بمثل القيمة أو أكثر ثم رجعا لم يضمنا ) لأنه ليس بإتلاف معنى [ ص: 489 ] نظرا إلى العوض ( وإن كان بأقل من القيمة ضمنا النقصان ) لأنهما أتلفا هذا الجزء بلا عوض . ولا فرق بين أن يكون البيع باتا أو فيه خيار البائع ، لأن السبب هو البيع السابق فيضاف الحكم عند سقوط الخيار إليه فيضاف التلف إليهم


( قوله وإن شهدا ببيع شيء بمثل القيمة أو أكثر ) بأن ادعى ذلك مدع فشهدا له به .

( ثم رجعا لم يضمنا لأنه ليس بإتلاف معنى [ ص: 489 ] نظرا إلى العوض ، وإن ) شهدا به ( بأقل من القيمة ) ثم رجعا ( ضمنا نقصان القيمة لأنهما أتلفا هذا القدر ) عليه ( بلا عوض ) هذا إذا شهدا بالبيع ولم يشهدا بنقد الثمن ، فلو شهدا به وبنقد الثمن ثم رجعا ، فإما أن ينظماها في شهادة واحدة بأن شهدا أنه باعه هذا بألف وأوفاه الثمن أو في شهادتين بأن شهدا بالبيع فقط ثم شهدا بأن المشتري أوفاه الثمن ، ففي الأول يقضى عليهما بقيمة البيع لا بالثمن ، وفي الثاني يقضى عليهما بالثمن للبائع .

وجه الفرق أن في الأول المقضي به البيع دون الثمن لأنه لا يمكن القضاء بإيجاب الثمن لاقترانه بما يوجب سقوطه وهو القضاء بالإيفاء ، ولهذا قلنا : لو شهد اثنان على رجل أنه باع من هذا عبده وأقاله بشهادة واحدة لا يقضى بالبيع لأنه قارن القضاء به ما يوجب انفساخه وهو القضاء بالإقالة ، فكذا هذا ، وإذا كان المقضي به البيع فقط وزال المبيع بلا عوض فيضمنان القيمة ، بخلاف ما إذا كان بشهادتين فإن الثمن يصير مقضيا به لأن القضاء بالثمن لا يقارنه ما يسقطه لأنهما لم يشهدا بالإيفاء بل شهدا به بعد ذلك ، وإذا صار الثمن مقضيا به ضمناه برجوعهما .

ثم قال المصنف ( ولا فرق بين كون البيع باتا أو فيه خيار البائع لأن السبب ) يعني البيع ( هو السابق ) حتى استحق المشتري المبيع بزوائده وقد أزالاه بشهادتهما فيضاف الحكم إليه عند سقوط الخيار إليه ( فانضاف التلف إلى الشهود ) وهذا جواب عن [ ص: 490 ] سؤال ذكره في المبسوط .

حاصله : ينبغي أن لا ضمان عليهما لأنهما إنما أثبتا البيع بشرط الخيار للبائع ، وبه لا يزول ملكه عن المبيع وإنما يزول إذا لم يفسخ حتى مضت المدة ، وإذا لم يفسخ حتى مضت المدة كان مختارا في إزالة ملكه عنه إلى غيره فلا يجب الضمان . والجواب أن سبب التلف العقد السابق وثبوته بشهادتهم فيضاف إليهم .

غاية الأمر أنه سكت إلى أن مضت المدة وهو لا يستلزم رضاه لجواز كونه لتحرزه عن أن يضاف إليه الكذب لأنه قد أنكر العقد ، فإذا فسخ كان معترفا بصدوره منه فيظهر للناس تناقضه وكذبه ، والعاقل يحترز عن مثله ، وكذا لو شهدا بالعقد على أن فيه خيار المشتري ومضت المدة ولم يفسخ وفي قيمة المبيع نقصان عن الثمن الذي شهدا به ضمناه ، ولو أن المشهود عليه بالشراء أجازه في المدة سقط الضمان عنهما لأنه أتلف ماله باختياره ، كما لو أجازه البائع في شهادتهما بالخيار له بثمن ناقص عن القيمة حيث يسقط أيضا

التالي السابق


الخدمات العلمية